للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَات} (١)، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل؛ لأنه لا يمكن أن يكون العمل صحيحاً وموافقاً للكتاب والسنة دون علم، وفي البدء بالعلم النافع حكمةٌ ظاهرة لا تخفى على المتأمل، ألا وهي أن العلم النافع به يستطيع المرء أن يميز بين العمل الصالح وغير الصالح، ويستطيع أن يميّز بين الرزق الطيّب وغير الطيّب.

قوله: ((علماً نافعاً)) فيه دلالةٌ على أن العلم نوعان:

علمٌ نافع، وعلم ليس بنافع، كما تقدّم في حديث: ((سَلُوا اللَّهَ عِلْمًا نافِعاً، وَتَعوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ)) (٢)، قال الحسن البصري رحمه اللَّه: ((العلم علمان، علم باللسان، وعلم بالقلب، فعلم القلب هو العلم النافع، وعلم اللسان هو حجة اللَّه على ابن آدم)) (٣)، فالعلم النافع هو ما باشر القلب، فأوجب له السكينة والخشوع، والإخبات

للَّه تعالى، وإذا لم يباشر القلوب ذلك من العلم، وإنما كان على اللسان فهو حجة اللَّه على بني آدم.

قوله: ((رزقاً طيباً)) فيه إشارة كذلك إلى أن الرزق نوعان: طيب، وخبيث، واللَّه تعالى لا يقبل إلا طيباً، وقد أمر اللَّه تعالى المؤمنين


(١) سورة محمد، الآية: ٩.
(٢) ابن ماجه، كتاب الدعاء، باب ما تعوذ منه رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، برقم ٣٨٤٣، وابن أبي شيبة،
٩/ ١٢٣، برقم ٢٧٢٤٨، وأبو يعلى، ٣/ ٤٣٧، برقم ١٩٢٧، وعبد بن حميد، ص ٣٣٠، والبيهقي في شعب الإيمان، ٣/ ٢٧٦، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه، ٢/ ٣٢٧، بقرم ٣١٠٠، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم ١٥١١.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة، ١٣/ ٢٣٥، برقم ٣٥٥٠٢، والدارمي، ١/ ٥٤، والحكيم الترمذي،
٢/ ١٧٦، وشعب الإيمان للبيهقي، ٣/ ١٨٨، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع، ص ٣١٣.

<<  <   >  >>