للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} (١).

قال الفرّاء: عليون ارتفاع بعد ارتفاع لا غاية له (٢)، ووجه هذا أنه منقول من جمع عليّ من العلو، قال الزجاج: هو أعلى الأمكنة.

قال ابن كثير: والظاهر أن عليين مأخوذ من العلو، وكلما علا الشيء وارتفع عظم واتسع، ولعظم شأن هذا المكان قال اللَّه تعالى: {يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ} (٣) أي الملائكة المقربون (٤).

ولقد جاء في السنة المطهرة ما يدلّ أن عليين هو أعلى مرتبة، وأسمى منزلة، فقد جاء في حديث طويل عن عبد اللَّه بن مسعود - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أدنى أهل الجنة منزلة ... فيقول اللَّه جلّ ذكره له: ((أَلَمْ تَرْضَ أَنْ أُعْطِيَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا مُنْذُ خَلَقْتُهَا إِلَى يَوْمِ أَفْنَيْتُهَا وَعَشَرَةَ أَضْعَافِهِ؟، ثم ذكر ما له من نعيم ما لا يتصور عقل، ولا يصفه واصف ... فَقَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: أَلا تَسْمَعُ مَا يُحَدِّثُنَا ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ (عبد الله بن مسعود) يَا كَعْبُ عَنْ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلاً، فَكَيْفَ أَعْلاهُمْ؟ فَقَالَ كَعْبٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ: <مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلى قَلْبِ بَشَرٍ، إِنَّ اللَّهَ - عز وجل - جَعَلَ دَارًا، فَجَعَلَ فِيهَا مَا شَاءَ مِنَ الأَزْوَاجِ، وَالثَّمَرَاتِ، وَالأَشْرِبَةِ، ثُمَّ أَطْبَقَهَا، ثُمَّ لَمْ يَرَهَا أَحَدٌ مِنَ خَلْقِهِ، لا جِبْرِيلُ وَلا غَيْرُهُ مِنَ الْمَلائِكَةِ، ثُمَّ قَرَأَ كَعْبٌ: {فَلَا تَعْلَمُ


(١) سورة المطففين، الآيات: ١٨ - ٢١.
(٢) معاني القرآن، ٣/ ٢٤٧.
(٣) سورة المطففين، الآية: ٢١.
(٤) تفسير ابن كثير ص ١٦٩٣.

<<  <   >  >>