إِن دراسة السيرة النبوية ليست كدراسة سيرة بطل من الأبطال فحسب- وإن كان هو - صلى الله عليه وسلم - بطل الأبطال- فلا تُقْرأ وتتعلم لأجل المعرفة وإشباع رغبة حب الاستطلاع وزيادة الرصيد المعرفي فقط وإِنما تدرس لأهداف ومقاصد عظيمة نشير إِلى بعضها:
١ - معرفة مقاصد الشريعة وأحوال المتعبدين
وذلك للبحث فيها عن الهدى والصراط المستقيم ومرضاة رب العالمين، لأن السيرة مصدر من مصادر التشريع ومنهج لحياة كل مسلم ومسلمة، ولابد أن يدرك القارئ للسيرة النبوية أهميتها التربوية والتشريعية والاجتماعية والإِدارية والسياسية، لأنها تطبيق عملي لنصوص الوحي في كافة مناحي الحياة ألإِنسانية.
٢ - تحصيل الدروس والعبر
إِن السيرة العطرة مليئة بالدروس والعبر التي لا يدركها إِلا من تعلمها بقصد الاتباع لصاحبها عليه الصلاة والسلام، والتربية على مقاصدها وعبرها، فهي مادة تربوية سلوكية تبني الشخصية السوية المتكاملة وتقوِّم السلوك المعوج.
ولذا فإِنه يجب على العلماء والمربين الاعتناء بدراسة السيرة النبوية، والحرص على ما صح من أخبارها حتى يحصل التأسي والمتابعة على الوجه الصحيح. وإِن المناهج التربوية والدعوات الإِصلاحية يجب أن تقتبس من هدي المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وتلتزم به اعتقادًا وسلوكًا ومنهج تفكير، وتأخذ من التجارب الناجحة ما لا يتعارض مع الأدلة الشرعية.
٣ - الاطلاع على مآثر جيل الصحابة وكيف تحققت لهم السيادة والريادة
السيرة النبوية معين لا ينضب وتراث لا يبلى لكل من رجع إِليها وتأدب بأدبها واقتبس من مشكاتها وقد فقه الصحابة - رضي الله عنهم - هذه المعاني في السيرة، وأدركوا أهميتها، فكانت مع القرآن الكريم هي منهج التربية للأجيال ومادة البناء الفكري والسلوكي،