فانتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلى الركن، فاسْتلمه، وصلّى ركعتين، وانصرف إِلى بيته، والمطعم بن عدي وولده محدِقون به بالسلاح حتى دخل بيته (١).
[دروس وعبر]
١ - دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم - مكة في جوار رجلٍ من أشرافها، وهو القادر على أن يأمر ملك الجبال فيطبق على أهلها الأخشبين عندما أرسله الله إِليه، إِنها المفارقة العجيبة. قريش تريد أن تفتك به، وهو يحمل لها في قلبه أملًا في أن يخرج الله تعالى من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئًا.
فأيّ درس يحمله هذا الموقف من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إِلى الدعاة والمصلحين، لا انتصار للنفس، ولا تشفٍ من الخلق، بل نصح وإرشاد، وشفقة ومحبّة.
٢ - لقد كان ثمرة الصبر واللجوء إِلى الله سبحانه وتعالى سلسلة من الإِكرامات التي أكرم الله بها رسوله - صلى الله عليه وسلم -:
أولها: إِسلام عداس ذلك الغلام النصراني.
ثانيها: إِرسال ملك الجبال إِليه ليأمره بأمره في أعدائه لكنه - صلى الله عليه وسلم - صفح وصبر ورحمهم من الهلاك رغم كفرهم، ورجا الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده وحده، فصار منهم من عبد الله فضلًا عن ذرياتهم.
ثالثها: أن الله صرف له طائفة من الجن استمعوا قراءته وآمنوا بالله وصدقوا رسوله.
رابعها: قمة الإِكرامات والفضائل من الله لرسوله، الرحلة العظيمة العجيبة في ملكوت السماوات والأرض في الإِسراء والمعراج.