للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[وفي هذه الغزوة ظهر كيد المنافقين من خلال حدثين عظيمين]

الأول: إِثاوة العصبية الجاهلية والتطاول على رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

وابتداء هذا الأمر، أن غلامين أحدهما من الأنصار والآخر من المهاجرين تشاجرا على الماء، فصرخ الأنصاري: يا معشر الأنصار. وصرخ المهاجري: يا معشر المهاجرين. فغضب المنافق عبد الله بن أبي بن سلول، وكان ممن حضر الغزوة، فقال: أوقد فعلوها، قد نافرونا، وكاثرونا في بلادنا، والله ما أعدنا وجلابيب قريش إِلا كما قال الأول: سمن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا إِلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، ثم أقبل على من حضره منْ قومه فقال لهم: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إِلى غير داركم (١) فسمع ذلك زيد بن أرقم - رضي الله عنه -، فأبلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم - به، فأشار عمر على رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بقتل هذا المنافق، فقال له رسول الله: فكيف يا عمر إِذا تحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه، لا. ولكن أذِّن بالرحيل حتى ينشغل الناس عن حديث ابن سلول (٢).

ثم أنزل الله سبحانه وتعالى سورة المنافقين في طريق عودة المسلمين إِلى المدينة، تفضح ابن سلول ومن كان على شاكلته من المنافقين، فجاء عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول، إِلى رسول الله يستأذنه في قتل أبيه فقال له نبي الرحمة - صلى الله عليه وسلم -:بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا (٣).


(١) ابن هشام، السيرة ٢/ ١٣٩.
(٢) ابن سعد، الطبقات ٢/ ٦٥، ابن هشام، السيرة ٢/ ١٣٩.
(٣) ابن هشام، السيرة ٢/ ١٩٤.

<<  <   >  >>