للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النصرة والقتال، ذلك أن الذين لا يستطيعون الانتصار على شهواتهم وملذاتهم، ولا ينقادون إِلى الأمر والنهي، ولا يصبرون على الطاعة، والانتهاء عن المعصية، لا يمكن لهم أن ينتصروا في ميادين القتال والجهاد.

ونزل مصعب بن عمير، على أبي أمامة أسعد بن زرارة، وكان مصعب بن عمير يؤمّهم، ويعلمهم القرآن والإِسلام، فأسلم على يديه بشرٌ كثير، منهم: أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ، وأسلم بإِسلامهما يؤمئذ جميع بني عبد الأشهل الرجال والنساء، إِلَّا الأصيرم، وهو عمرو بن ثابت بن أقيش، فإِنه تأخر إِسلامه إِلى يوم أحد، فأسلم يومئذ، وقاتل فقُتِلَ قبل أن يسجد لله سجدة، فأُخْبِرَ عنه النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: عملَ قليلًا، وأُجِرَ كثيرًا (١).

لقد كانت بركة هذين الرجلين: مصعب بن عمير، وعبد الله بن أم مكتوم على أهل المدينة عظيمةً، فاستطاعا أن يدخلا خلقًا كثيرًا في الإِسلام، بل استطاعا أن يؤثرا في ساداتهم ورؤوسهم، فلم يتخلف من قومهم أحدٌ، وهذا دليل على عمق التربية النبوية التي استطاع من خلالها أن يصنع رجالًا يحملون الإِسلام كما يحمله هو.

[بيعة العقبة الثانية]

لما كثُرَ الإِسلام بالمدينة وظهر، اجتمع الانصار فقالوا: حتى متى نترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطرد في جبال مكة ويُخاف؟ فعزموا على إِخراجه من مكة إِليهم (٢). وقدم مصعب إِلى مكة في حج السنة الثالثة عشرة من البعثة، ووافى الموسم ذلك العام خلق كثير من


(١) أخرجه أبو داوود، كتاب الجهاد، باب فيمن يسلم ويقتل مكانه في سبيل الله ح ٢٥٣٧، وحسنه الشيخ الألباني، وأخرجه أحمد في المسند ٥/ ٤٢٨.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٣/ ٣٢٢ من حديث جابر بن عبد الله، وقال الحافظ في الفتح ٧/ ٢٢٠: رواه أحمد بإسناد حسن، وصححه الحاكم.

<<  <   >  >>