الكتاب من كتبهم الموروثة عن أنبيائهم، ولكن يد التحريف قد فعلت فعلها حتى خفي الحق وظهر الشرك، وقد اندرست معالم التوحيد، والبشرية بحاجة إِلى منقذ يخرجها من الضلال والشرك الذي وقعت فيه.
[٣ - الأحوال الاجتماعية والأخلاقية]
الأحوال الاجتماعية والأخلاقية فرع عن التصور والاعتقاد وهي أثر من آثاره، فإِذا فسد الإِيمان واختل التوحيد ظهر أثر ذلك في السلوك، وفي النظام الاجتماعي، والعلاقات بين الناس، وقد عرفنا ما كان عليه العرب بل أهل الأرض قبيل البعثة من فساد الاعتقاد وظهور الشرك والوثنية، لهذا كانت حياتهم الاجتماعية والأخلاقية مختلة كاختلال عقيدتهم، فقد سيطرت عليهم التقاليد والعادات وأصبحت بمثابة القوانين المرعية، وكانوا يتعصبون للقبيلة، ويتفاخرون بالأنساب، ونظرتهم للمرأة غير متزنة، ولا يعطونها حقها من الميراث، ويتزوج أحدهم بلا حَدّ، فقد يجمع بين عشر نساء أو أكثر، والطلاق بلا عدد، وإِذا توفي زوج المرأة فقد تحبس فلا تتزوج، وقد ينكحها أكبر ولد زوجها من غيرها. قال تعالى:{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا}(١) وكانوا يجمعون بين الأختين.
وكان بعضهم يئد البنات خشية العار، وقد يقتلون أبناءهم خشية الفقر، ولا يمتنعون عن المحرمات من الفواحش، وسفك الدماء، وأكل الربا، وظلم الضعفاء، والإِغارة على بعضهم، ونهب أموالهم، وسبي نسائهم وذراريهم، ويحتقرون بعض المهن الحرفية والصناعية، وكانت تنتشر فيهم الأمية، والجهل، وجُل معارفهم المفاخر والشعر ومثالب الآخرين.