للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إِنه - صلى الله عليه وسلم - عزم على تركهم والعودة إِلى مكة، وقال له نوفل بن معاوية الديلي لما استشاره: يا رسول الله، ثعلب في جُحر إِن أقمت عليه أخذته، وإن تركته لم يضرك (١).

وبعد حصار استمر ما يقارب الشهر أعلن عزمه على الرحيل، فشق ذلك على أفراد من الجيش وقالوا: لا نبرح أو نفتحها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فاغدوا على القتال، قال: فغدوا فقاتلوهم قتالًا شديدًا وكثر فيهم الجراحات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إِنا قافلون غدًا إِن شاء الله، فسكتوا، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢). ثم أمر عمر أن ينادي بالرحيل فلما ركب

- صلى الله عليه وسلم - دعا لثقيف قائلا: اللهم اهدهم واكفنا مؤنتهم (٣).

[تقسيم غنائم حنين]

عاد - صلى الله عليه وسلم - من الطائف إِلى الجعرانة ثم بدأ في توزيع الغنائم وكان يعطي زعماء مكة، وزعماء القبائل ويجزل لهم في ذلك، يتألفهم على الإِسلام، فأعطى أبو سفيان بن حرب أربعين أوقية من الفضة، ومائة من الإِبل، وأعطى إِبنيه يزيد، ومعاوية، فقال أبو سفيان: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لقد حاربتك فنعم المحارب كنت، وسالمتك فنعم المسالم أنت، هذا غاية الكرم جزاك الله خيرًا (٤).

وأعطى حكيم بن حزام مائة، ثم سأله فأعطاه مائة أخرى، ثم سأله فأعطاه مائة، وقال له: يا حكيم، هذا المال خَضِرة حلوة من أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإِشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد


(١) ابن كثير، السيرة ٣/ ٦٦٢ والصالحي، سبل الهدى ٥/ ٣٨٧.
(٢) البخاري، ح ٤٣٢٥، ٦٠٦٨.
(٣) ابن كثير، المصدر السابق ٣/ ٦٦٣ والحديث أخرجه الترمذي بلفظ (اللهم أهد ثقيفًا) سنن الترمذي، كتاب المناقب، باب في ثقيف وبني حنيفة ح ٣٩٣٧ وقال: صحيح غريب.
(٤) الواقدي، المغازي ١/ ٩٤٤، أبو نعيم الأصبهاني، معرفة الصحابة ١٠/ ٤٩٣.

<<  <   >  >>