للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[حج أبي بكر الصديق (رضي الله عنه)]

كان المشركون قد تولوا الحج في السنة الثامنة بعد الفتح، وعتاب بن أسيد أمير رسول الله على مكة حج بالمسلمين، وفي السنة التاسعة أمّرَ الرسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الحج الصديقَ، وبعد مسيره أرسل في أثره علي بن أبي طالب، ولما رآه الصديق رحّب به وقال: أمير أم مأمور؟ قال: بل مأمور. وقد أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يعلن للناس في الحج أنه لا يدخل الجنة كافر، ولا يحج بعد هذا العام مشرك، وأن لا يطوف بالبيت عريان، وأن مَن بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عهد أو ميثاق محدد فهو إِلى مدته، ومن كان عهده غير محدد فإِن نهايته بعد أربعة أشهر. فأرسل رسول الله عليًا بها ليبلغ أبا بكر، فكان أبو بكر وعلي رضي الله عنهما يعلنان ذلك للناس يوم الحج ويأمرون من ينادي (١) به ليصفو الحج بعد ذلك للمسلمين.

[حجة الوداع]

سميت حجة الوداع لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ودع الناس فيها، وسميت حجة الإِسلام لأنه لم يحج من المدينة غيرها، وسميت حجة البلاغ لأنه بَلّغ الناس فيها شرع الله في الحج قولًا وعملًا وأشهدهم على ذلك.

خرج - صلى الله عليه وسلم - من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة في السنة العاشرة، وبات في الوادي المبارك وادي العقيق، فلما كان بذي الحليفة صلى الظهر وأحرم من مصلاه، ثم لبىّ عندما استوى على راحلته راكبًا، فلما أخذت به في البيداء لَبّى بالحج، وساق معه الهدي.

وسار حتى وصل مكة لخمس خلون من ذي الحجة، وعندما وصل مكة بات بذي


(١) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب حج أبي بكر بالناس في سنة تسع ح ٤٣٦٣.

<<  <   >  >>