لما استقر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة النبوية أخذ في تنظيم أمور المجتع وبناء مؤسساته الإِدارية والعلمية والاجتماعية التي تضمن له الأمن والاستقرار داخليا وخارجيا فكان من ذلك.
[١ - بناء المسجد]
بركت ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - في موضع مسجده، وكانت مأمورة كما قال - صلى الله عليه وسلم -، والمكان مربد لسهل وسهيل غلامين يتيمين من الأنصار، كانا في حجر أسعد بن زرارة، فساوَم رسولُ الله الغلامين بالمربد ليتَّخذه مسجدًا، فقالا: بل نهبه لك يا رسول الله. فأبي رسول الله، فابتاعه منهما (١). وكان فيه شجر غرقد وخِرَب ونخل وقبور للمشركين، فأمر رسول الله بالقبور فنبشت، وبالخرب فسُوِّيت، وبالنخل والشجر فقطعت، وصُفَّت في قبلة المسجد، وجعل طوله مما يلي القبلة إِلى مؤخره مئة ذراع، والجانبين مثل ذلك، أو دونه، وجعل أساسه قريبًا من ثلاثة أذرع، ثم بنوه باللِّبن، وجعل رسول الله يبني معهم، وينقل اللّبنْ والحجارة بنفسه، ويقول:
اللهم لا عيش إِلا عيش الآخرةْ ... فاغفر للأنصار والمهاجرةْ
وكان يقول:
هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبرُّ رَبَّنا وأطهر
وجعلوا يرتجزون، وهم ينقلون اللِّبن، ويقول بعضهم في رجزه:
لئن قعدنا والرسول يعمل ... لذاك منا العمل المضلل
وجعل قبلته إِلى بيت المقدس، وجعل له ثلاثة أبواب، بابا في مؤخره، وبابا يقال