للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[غزوة بني قريظة]

بعد رحيل الأحزاب، وضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سلاحه واغتسل، فجاءه جبريل -عليه السلام- وقال له: قد وضعت السلاح!، والله ما وضعناه، فاخرج. قال: فإِلى أين؟ قال: ها هنا، وأشار إِلى بني قريظة (١).

وسبب ذلك أن بني قريظة ارتكبوا الخيانة العظمى، واتفقوا مع الأحزاب على الغدر بالمسلمين من الداخل، لكن الله خذلهم وكبتهم، فسار إِليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحاصرهم، فنزلوا ورضوا أن يحكم فيهم سعد بن معاذ - رضي الله عنه - فجىء بسعد، وكان يعالج من جراحه فقال سعد: (فإِني أحكم فيهم أن تقتل المقاتلة، وتسبى النساء والذرية، وأن تقسم أموالهم) (٢). فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قضيت فيهم بحكم الله) (٣).

[دروس وعبر]

١ - الكفر ملة واحدة في كل زمان ومكان، ويظهر ذلك من تَحزُّب المشركين واليهود لحرب المسلمين، وأن ذلك هو ديدنهم في كل عصر، وهذا ما نعيشه اليوم من التحالف الدولي من الكفار ضد المسلمين ومصالحهم.

٢ - أهمية الأخذ بالأسباب المادية في قتال الأعداء، مثل حفر الخندق، وأن الاستفادة مما لدى المشركين من أسباب مادية، يعد من الأمور المباحة ما لم يتعارض مع ثوابت الإِسلام، أو يكون سببًا لهدم الدين (٤).

٣ - على الداعية والقائد المطاع إِذا أمر بخير أن يكون أول المبادرين إِليه والمسهمين فيه، ويظهر ذلك من اشتراك الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابه في حفر الخندق (٥).


(١) البخاري، المصدر نفسه ٧/ ٤٧٠.
(٢) المصدر نفسه ٧/ ٤٧٥.
(٣) مسلم، صحيح مسلم بشرح النووي ١٢/ ٩٤.
(٤) محمد البوطي، فقه السيرة ٢٩٦.
(٥) زيد الزيد، فقه السيرة ٤٩٩.

<<  <   >  >>