كتاب صحيح الأثر وجميل العبر من سيرة خير البشر (صلى الله عليه وسلم)

الفصل الأول: الرسول (صلى الله عليه وسلم) من مولده إلى بعثته - مشاركاته (صلى الله عليه وسلم) في الأعمال العامة - ص: 87

[مشاركاته (صلى الله عليه وسلم) في الأعمال العامة]

لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة بمعزل عن المجتمع بل كان يشارك في الأمور العامة التي بها مصالح ومنافع ويجتنبهم فيما فيه انحراف ومن أشهر الأمور التي شارك فيها:

[١ - حرب الفجار]

وسميت بهذا الاسم لانتهاكهم حرمة الأشهر الحرم بالقتال فيها، وفجارات العرب كثيرة لكن التي شارك فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وله من العمر خمسة عشرة سنة- هي التي كانت بين قريش وكنانة وبين قيس عيلان، وكانت قيس هي البادئة بالقتال في الشهر الحرام ومشاركة النبي - صلى الله عليه وسلم - هي أنه كان يجهز لأعمامه النبل للرمي به (١) وكان الظفر فيها لقريش وكنانة على قيس.

[٢ - حلف الفضول]

سمي حلف الفضول لأقوال: منها أن الذين شاركوا فيه كان يسمى كل واحد منهم الفضل، وقيل لأنهم دخلوا في أمر فضل غير متعين عليهم، وقيل -وهو الأقرب- من الفضيلة أي الأمر الذي دخلوا فيه وتعاقدوا عليه وهو نصرة المظلوم، أمر فاضل حسن من مكارم الأخلاق.

وسبب الحلف أن رجلا من زَبيد قدم مكة ببضاعة فاشتراها منه العاص بن وائل السهمي، ولكن لم يعطه الثمن ومطل به، فطلب الرجل من ينصره عليه فلم يجد أحدًا في أول الأمر، فرقى جبل أبي قبيس ونادى بأعلى صوته وقال في ذلك شعرًا يصف مظلمته:

---

(١) ابن هشام، السيرة النبوية ١/ ٢٢١ والحديث المروي: كنت أنبل على أعمامي ذكره ابن إسحاق بإِسناد منقطع فهو ضعيف.