للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الثاني: حديث الإفك على أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها).]

وقصة هذه الحادثة أن عائشة - رضي الله عنها - كانت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بني المصطلق، فلما انتهت الغزوة أذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالرحيل، وفي إِحدى مراحل الطريق رَحَل القوم ليلًا، فجاء الرجال الموكلون برحلها فحملوا الهودج ويظنوها به بينما هي قد ذهبت تقضي حاجتها، وفقدت عقدًا لها فأخذت تبحث عنه، فلما عادت عائشة - رضي الله عنها - وجدت الناس قد ارتحلوا، فجلست في مكانها لعلمها أنهم إِذا فقدوها سيرجعون إِليها، فجاء الصحابي الأمين صفوان بن المعطل السلمي في الصباح، على راحلته، وكان قد أخذه النوم فتأخر عن الجيش، فلما رأى أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، قال: إِنا لله وإِنا إِليه راجعون، ثم قرب إِليها راحلته فركبت وسار بها حتى لحق الجيش، فلما رأى المنافقون -قاتلهم الله- هذا المنظر، تكلموا في عِرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستطالوا في ذلك وزَلَّت بعض الأقدام، واهتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذلك، واحتبس عنه الوحي في هذا الشأن شهرًا كاملًا، ثم نزل الوحي ببراءة أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -، فاضحًا المنافقين الذين تطاولوا على عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (١).

وقد بينت الآيات في سورة النور حقيقة ما حصل، والآداب التي ينبغي للمسلمين أن يتأدبوا بها في مثل هذه الحوادث (٢).


(١) سورة النور آية ١١.
(٢) البخاري، صحيح البخاري مع الفتح ٧/ ٤٩٦.

<<  <   >  >>