للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مكانة مكة المشرفة وحرمتها]

لقد أمر الله سبحانه وتعالى أن تكون مكة بلدا آمنا وحرمًا معظمًا، فشرع حرمتها يوم خلق السموات والأرض، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته يوم فتح مكة: " ... فإن هذا بلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض وهو حرام بحرمة الله إِلى يوم القيامة، وإِنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إِلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا يلتقط لقطته إِلا من عرفها، ولا يختلى خلاها" (١). قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} (٢). وقال ممتنا على قريش أهل البلد الحرام: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} (٣). وقال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (٩٦) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ .... الآيه} (٤). فمكة المشرفة جعلها الله واحة أمن وسلام، وشرع ذلك وأوجبه، يأمن الناس كلهم بل حتى الطير والنبات، ومن دخل مكة وجب أن يؤمَّن ولا يؤذى، فهو بجوار بيته الذي وضعه للطاعة والعبادة وبارك فيه، وجعله سببا للهداية وأقام فيه آيات بينات منها مقام إِبراهيم الذي رفع قواعد البيت بأمر الله، وطهره للطائفين والقائمين والعاكفين والركع السجود. قال تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} (٥).


(١) متفق عليه.
(٢) سورة العنكبوت، آية: ٦٧.
(٣) سورة قريش: آية ٤.
(٤) سورة آل عمران، آية: ٩٦.
(٥) سورة البقرة، آية: ١٢٥.

<<  <   >  >>