للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولغته، تقديمًا صحيحًا غير مشوبة بأساطير وخرافات المحبين الجاهلين، وغير مشوهة بتحليلات الجاحدين والمنكرين، بل تقدم حَيّةً نابضة يراها القارئ وكأنه يعيش أحداثها دون حجب التعصب، أو غشاوة العاطفة الجاهلة، لا شك أنها ستستهوي القلوب، ويرى فيها أي شخص إِنسانيته التي يحن إِليها، لأن النفوس السليمة جبلت على التسامي والتعلق بالمثل الأعلى، وقد كان في قدر الله أن يكون محمَّد - صلى الله عليه وسلم - مظهرًا للكمال الإِنساني، وطُلِب من الناس أن يسعوا إِليه ويحاولوا التخلق بأخلاقه، ومحاكاة سلوكه لأن هذه هي الأخلاق المرضية الكاملة عند الله تعالى (١).

[النطاق الزماني للسيرة النبوية]

البعثة المحمدية هي خاتمة الرسالات كما قال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّين .... الآية} (٢).

ورسالته عامة لجميع الإِنس والجن، كما أن شريعته ناسخة لجميع شرائع الرسل فلا يقبل الله من أحد غير شريعته - صلى الله عليه وسلم -، وهي تأتي حسب التسلسل التاريخي آخر النبوات.

والسيرة النبوية في نطاقها الزماني هي من ولادته - صلى الله عليه وسلم - عام الفيل وحتى وفاته في الثاني عشر من شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من الهجرة النبوية، وجملتها ثلاث وستون سنة قمرية ويوافقها في التاريخ الميلادي من ((٥٧١ م- ٦٣٢ م)) (٣)

والنبوات جميعًا تمثل وحدة تاريخية ذات حلقات متعددة، والأنبياء وأتباعهم أمة واحدة، لها سمات مشتركة، والتاريخ الإِسلامي بهذا المفهوم ليست بدايته من بعثة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - كما قد يظن البعض، وإِنما بدايته الحقيقية من هبوط آدم وحواء إِلى هذه


(١) انظر: مصادر السيرة النبوية وتقويمها ص ٢١ - ٢٣ (بتصرف يسير)
(٢) سورة الأحزاب، آية٤٠.
(٣) راجع: "التقويمان الهجري والميلادي"، تأليف فريمان، وجرنفيل، ترجمة حسام الدين القدسي.

<<  <   >  >>