للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما النصرانية فقد جاءت مع الأحباش، وانتشرت في بعض البلدان في اليمن، ونجران وغيرها، وكان لها وجود في شمال الجزيرة وشرقها.

واليهودية والنصرانية قد حُرِّفتا وبدلت كثير من أحكامهما فلم تعودا ديانتين صحيحتين، وقد بَّين الله تعالى في القرآن الكريم أن اليهود والنصارى يحرفون الكلم عن مواضعه قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} (١). وأنهم يكتمون الحق ويخفونه قال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (٢).

وقال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (٣).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «.... وإن الله نظر إِلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إِلا بقايا

من أهل الكتاب» (٤).

فالذين بقوا على الدين الحق الذي جاءت به الرسل أفراد قلائل وبقايا متفرقون في الأرض، كما يدل على ذلك قصة سلمان الفارسي وبحثه عن الحنيفية حتى قال آخر من صحبهم من القسس عند وفاته: لا أعلم أحدًا بقي على هذا الدين، ولكن أظلّ زمان رسول يبعث في أرض العرب، ومهاجره إِلى أرض ذات نخل بين حرتين، فجاء سلمان إِلى المدينة لأ جل هذا، وقول القسيس هو من البشارات ودلائل النبوة التي يعرفها أهل


(١) سورة البقرة، آية ٧٩.
(٢) سورة البقرة، آية ١٤٦.
(٣) سورة المائدة، آية ١٥.
(٤) رواه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها من حديث عياض بن حمار المجاشعي ح ٢٨٦٥.

<<  <   >  >>