للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالآية الآمرة بالتأسي بالرسول - صلى الله عليه وسلم - نزلت بمناسبة غزوة الأحزاب حين رمى أهل الشرك والكفر المسلمين عن قوس واحدة وتحزبوا عليهم، حيث زلزلت النفوس وبلغت القلوب الحناجر، وكاد أن يهتز الاقتداء لتأخر النصر، فجاءت لتؤكد أن الاقتداء يكون في مواطن الشدة والصبر، والبأس والضيق، ومؤشرات فوت الحياة الدنيا كما يكون في اليسر، وتبين أن الارتباط بالآخرة هو سبيل الصمود والحماية من السقوط، فالاقتداء يكون في اليسر والعسر وعلى كل الأحوال.

وإِن قيمة الاقتداء وفائدته وعطاءه، وعظيم ثوابه إِنما يكون في العزائم والقضايا الكبيرة التي قد يُمتحن صاحبها في صدق إِيمانه وقوة يقينه، فتفوته بعض النتائج في الدنيا ويخسر المعركة، لكن الاقتداء يحميه ويحول بينه وبين السقوط، ويرتفع به من الوقوف عند النتائج القريبة إِلى إِبصار العواقب والمآلات، ذلك أن نقطة الارتكاز في الاقتداء هي رجاء اليوم الآخر، واستمرار ذكر الله الذي يُجَلِّي هذه الحقيقة ويؤكد حضورها واستمرارها (١).

٥ - التكامل والشمول في فهم النصوص الشرعية واحترام نصوصها الصحيحة الثابتة

لقد يسر الله لهذه السيرة من يقوم على حفظها والعناية بأدق تفاصيلها حتى كأنك تنظر إِلى صاحبها - صلى الله عليه وسلم - وأحواله رأي العين، والتاريخ شاهد على أنه لا توجد سيرة في الدنيا مثل سيرته - صلى الله عليه وسلم - من الوضوح والكمال والصدق.

يقول الأستاذ سليمان الندوي: إِن حياة العظيم الذي يجدر بالناس أن يتخذوا منها قدوة لهم في الحياة ينبغي أن تتوافر فيها أربع خصال:


(١) عمر عبيد حسنة، مقدمة السيرة النبوية قراءه لجوانب الحذر والحماية ص ٣١.

<<  <   >  >>