للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حاضرًا من أصحابه للخروج لتلقي القافلة، وقال عليه الصلاة والسلام: (هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إِليها لعل الله ينفلكموها) (١)، وكان أبو سفيان لما اقترب من مناطق نفوذ المسلمين غربي المدينة، جعل يتحسس الأخبار حتى علم بخروج المسلمين لأخذ القافلة، فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري وبعثه إِلى مكة يستنفر قريشًا، لنجدة القافلة، فتجهزت قريش وخرجت لملاقاة المسلمين وهي تقول: أيظن محمَّد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمي (٢)، كلَّا والله ليعلمن غير ذلك (٣). لقد خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة يريد قافلة قريش ومعه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلًا من أصحابه رضوان الله عليهم، كما ثبت عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: (لما كان يوم بدر نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلًا ...) (٤).

لقد كان هدف المسلمين هو قافلة قريش لكن الله سبحانه وتعالى أراد لهم أمرًا آخر، أراد لهم التمكين في الأرض، والانتصار ممن حادَّ الله ورسوله، فعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - قال: (... إِنما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد) (٥). قال تعالى: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (٥) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (٦) وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ (٧) لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} (٦).


(١) ابن هشام، السيرة ١/ ٤٠١.
(٢) هو الذي قتله المسلمون في سرية عبد الله بن جحش - رضي الله عنه - إلى وادي نخلة.
(٣) ابن هشام، السيرة ١/ ٤٠٣.
(٤) صحيح مسلم بشرح النووي ١٢/ ٨٤.
(٥) صحيح البخاري مع الفتح ٧/ ٢٨٥.
(٦) سورة الانفال، الآيات ٥ - ٨.

<<  <   >  >>