للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٧) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (١)، ثم إِن الله سبحانه وتعالى بمنِّه ولطفه بهذه الأمة أحل لها الغنائم، ولم تحل لأمة قبلها، قال تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٢)، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أُعطيتُ خمسًا لم يعطهن أحد قبلي ... وذكر منها وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي (٣)، وكانت الأمم السابقة من أتباع الرسل يجمعون الغنائم في مكان ولا يأخذون منها شيئًا، فتأتي نار بقدر الله فتحرقها (٤). وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسحب قتلى المشركين إِلى إِحدى الآبار، فقُذفوا فيها. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذا ظهر على قوم أقام بساحتهم ثلاثة أيام، فلما كان اليوم الثالث مشى إِلى البئر الذي طُرِح فيه قتلى المشركين (فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم ... أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإِنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًا، فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقًا. فقال عمر: يا رسول الله، ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم) (٥)، أما شهداء المسلمين وعدتهم أربعة عشر شهيدًا فقد دُفنوا في مصارعهم كما هي السنة في ذلك (٦). ثم ارتحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤيدًا منصورًا قرير العين بنصر الله، ومعه الأسرى والمغانم، ودخل المدينة، وقد خافه كل عدو بالمدينة وحولها، فأسلم كثير من الناس،


(١) سورة الأنفال، آية ٦٧ - ٦٨.
(٢) سورة الأنفال، آية ٦٩.
(٣) صحيح البخاري، كتاب التيمم ح ٣٣٥، ومسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة ح ٥٢١.
(٤) ابن سعدي، تيسير الكريم الرحمن ص ٢٨٦.
(٥) صحيح البخاري مع الفتح ٧/ ٣٥١،
(٦) ابن القيم: زاد المعاد ٣/ ٢١٤، ٢١٧؛ د. أحمد العليمي: مرويات غزوة بدر ٤٣٥.

<<  <   >  >>