للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم استصرخ عدو الله عامر بن الطفيل قبائل من بني سُليم (رِعْل وذَكْوان وعُصَيّة) على بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقاتلوهم حتى قُتلوا إِلا كعب بن زيد الأنصاري الذي تُرك وبه رمق، فعاش حتى قُتِل في غزوة الخندق، ورجلين كانا في رحالهم هما: المنذر بن محمَّد بن عقبة الأنصاري، وعمرو بن أمية الضمري، فلما علما بقتل أصحابهم، قاتلهم الأنصاري حتى قُتِل، وأُسِر عمرو بن أمية، ثم أطلقه عامر بن الطفيل لمّا علم أنه من مضر برقبة كانت على أم عامر -كما زعم- فرجع عمرو الضمري إِلى المدينة، وقتل في الطريق رجلين من بني عامر بن كلاب وكان معهما أمان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يعلم به، ولذا وداهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووفىّ بذمته وعهده (١).

وقد كان في القتلى عامر بن فهيرة، مولى أبي بكر ورفيقه في الهجرة، وحصلت له كرامة بعد استشهاده فقد قال عامر بن الطفيل لعمرو بن أمية لما أسره: من هذا؟ وأشار إِلى أحد القتلى. قال عمرو: هذا عامر بن فهيره، قال: لقد رأيته بعد ما قتل رُفع إِلى السماء حتى إِني لأنظر إِلى السماء بينه وبين الأرض ثم وضع (٢).

وقد وصل خبرهم إِلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من طريق الوحي، فقال: (إِن أصحابكم قد أصيبوا، وأنهم قد سألوا ربهم فقالوا: ربنا أخبر عنا إِخواننا بما رضينا عنك، ورضيت عنا. فأخْبَرهَم عنهم) (٣).

لقد كان القراء من خيرة الصحابة رضوان الله عليهم، وأنفعهم للناس، حيث كانوا يقومون الليل، ويتدارسون القرآن ويتعلمون، وكانوا يحتطبون بالنهار، ويشترون بثمنه


(١) ابن هشام، السيرة النبوية ٢/ ١٢٩، وخبر السرية في صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة الرجيع وبئر معونة الأحاديث ٤٠٨٨ - ٤٠٩٦.
(٢) البخاري، الصحيح ح ٤٠٩٣.
(٣) البخاري، الصحيح ح رقم ٤٠٩١ و٤٠٩٣.

<<  <   >  >>