للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دعه يا عمر فإِن له شيعة يتعمقون في الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية (١). وكان - صلى الله عليه وسلم - قد أعلن أن من جاء من هوازن مسلما رَدّ إِليه ماله وأهله، وانتظر بضع عشرة ليلة، ثم وزع الغنائم فجاء من جاء منهم بعد توزيع الغنائم، وقالوا: يا رسول الله، إِنا أصل وعشيرة، وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامنن علينا مَنّ الله عليك يا رسول الله، وإِن ما في الحظائر من السبايا عماتك وخالاتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك، ولو أنا ملحنا للحارث بن أبي شمر، أو النعمان بن المنذر، ثم أصابنا مثل الذي أصابنا منك رجونا عائدتهما وعطفهما علينا، وأنت خير المكفولين (٢).

فخيرهم بين أهلهم أو أموالهم. فاختاروا الأهل فقال: ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم. وعندما سمع الناس ذلك ردوا ما معهم إِلا ما كان من عيينة بن حصن الذي وقعت في سهمه عجوز، فأبى ردها حتى وعَدِ بست من الإِبل.

ومن اهتمامه -عليه السلام- بالقادة أنه سأل عن مالك بن عوف فقالوا بحصن الطائف، فقال: أخبروه إِنه إِن أتاني مسلما رددت عليه أهله وماله، وأعطيته مائة من الإِبل.

وعندما سمع بذلك أسرع ليلا حتى لحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرد عليه أهله وماله، وأعطاه مائة من الإِبل فحسن إِسلامه (٣).

وبعد فراغه من أمر الغنائم أحرم - صلى الله عليه وسلم - بالعمرة من الجعرانة فأداها ليلًا، ثم عاد وبات بالجعرانة. ثم عاد إِلى المدينة، وسلك على وادي سَرِف، ثم على مَرّ الظهران (الجموم) ولحق به في الطريق أحد الزعماء الكبار لثقيف عروة بن مسعود، فأسلم، وعاد إِلى الطائف فقتلته ثقيف.


(١) ابن هشام، المصدر السابق ٣/ ١٣٦ وأصل الخبر في الصحيحين، وانظر: الصالحي، سبل الهدى ٥/ ٤٠٥.
(٢) ابن هشام، المصدر السابق ٤/ ١٢٨ ومعنى ملحنا: أي أرضعنا، وانظر: الصالحي، سبل الهدى ٥/ ٣٩٠ - ٣٩١.
(٣) ابن هشام، المصدر السابق ٤/ ١٣٠ والصالحي، سبل الهدى ٥/ ٤٠٦.

<<  <   >  >>