للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعيره، فأما الذي ذهب لحاجته فقد خنقته الجن، وأما الآخر فاحتملته الريح حتى طرحته بجبلي طيء، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للذي أصيب فشفي، وأما الآخر فإن طيئًا أهدته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة (١).

واجتمع بعض المنافقين في مجلس سخرية واستهزاء من النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، منهم مخشي بن حمير، وقال بعضهم لبعض: أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضا؟ والله لكأنكم غدًا مقرنين في الحبال، إِرجافًا وترهيبًا للمؤمنين. وندم مخشي ندمًا شديدًا، وأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمار بن ياسر وقال: أدرك القوم فقد احترقوا، فسلهم عما قالوا، فجاؤا يعتذرون، وقال أحدهم -وديعة بن ثابت- إِنما كنا نخوض ونلعب، فأنزل الله فيهم: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ... الآية} (٢).

وقال مخشي: والله يا رسول الله قعد بي اسمي واسم أبي، وقيل إِنه تاب وقُتِل يوم اليمامة (٣). وظلت ناقة للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال أحد المنافقين وهو زيد بن اللصيت القينقاعي: أليس محمَّد يزعم أنه نبي ويخبركم عن خبر السماء، وهو لا يدري أين ناقته؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إِن رجلًا قال كذا وكذا. وإني والله ما أعلم إِلا ما علمني الله، وقد دلني الله عليها، وهي في هذا الوادي في شعب كذا، وقد حبستها شجرة بزمامها. ولما علم عمارة بن حزم الأنصاري - رضي الله عنه - وكان عُقْبِيًا بدريًا- ما قال زيد بن اللصيت طرده من رحله وهو يضرب في عنقه ويقول: أي عباد الله، إِن في رحلي لداهية وما أشعر!! أخرج أي عدو الله من رحلي فلا تصحبني (٤).


(١) ابن هشام، المصدر السابق ٤/ ١٦١ وهو مرسل، وله شاهد عند البخاري ح رقم ١٤٨١.
(٢) سورة التوبة، آية ٦٥ - ٦٦.
(٣) ابن سيد الناس، عيون الأثر ٢/ ٢٩٦، الذهبي، المغازي ٦٤٢.
(٤) ابن هشام، المصدر السابق ٤/ ١٦٣ وإسناده حسن، وقد صرح ابن إِسحاق بالتحديث، وذكره الذهبي في المغازي ٦٤١.

<<  <   >  >>