للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علينا حين صلى الفجر. حيث نزل عليه قوله تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ... الآية} (١) ورَكّضَ إِلي رجُلُ فرسًا، وسعى ساع فأوفى على الجبل، وكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني، نزعت له ثوبيَّ فكسوته إِياهما ببشراه، والله ما أملك غيرهما يومئذٍ، واستعرت ثوبين فلبستهما، وانطلقت إِلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتلقاني الناس فوجًا فوجا يهنئوني بالتوبة يقولون: ليهنك توبة الله عليك، قال: حتى دخلت المسجد فإِذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس حوله الناس، فقام إِليّ طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني، والله ما قام إِليّ رجل من المهاجرين غيره ولا أنساها لطلحة.

قال كعب: فلما سلمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال -وهو يبرق وجهه من السرور-: أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك قلت: أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟ قال: لا. بل من عند الله.

قال كعب: إِن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إِلى الله وإِلى رسوله، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك).

ثم قال كعب: يا رسول الله، إِن الله إِنما نجاني بالصدق، وإِن من توبتي ألا أحدث إِلا صدقا ما بقيت (٢).


(١) سورة التوبة، آية ١١٨.
(٢) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب حديث كعب بن مالك ح (٤٤١٨) وانظر: ابن كثير، البداية والنهاية ط/ هجر، ٧/ ١٩٦ - ١٩٧.

<<  <   >  >>