للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من كان منكم يعبد محمدًا فإِن محمدًا قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإِن الله حي لا يموت، ثم تلا قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} (١). فهدأ الناس وكأنهم لم يسمعوا الآية من قبل من هول الفاجعة.

قال عمر: والله ما هو إِلا أن سمعت أبا بكر تلاها فَعَقِرْت حتى ما تقلني رجلاي، وحتى أهويت إِلى الأرض حين سمعته تلاها، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد مات (٢).

وكانت وفاته يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من السنة الحادية عشرة من هجرته - صلى الله عليه وسلم -، وعمره ثلاث وستون سنة، وفي يوم الثلاثاء اجتمع أهله لغسله ومنهم العباس، وعلي بن أبي طالب، والفضل، وقثم ابنا العباس، وشقران مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأسامة بن زيد، وأشرعوا معهم أوس بن خولى الأنصاري لخبرته. وغَسّلُوه في ثيابه، وكفنوه في ثياب بيض ثلاث سُحولية من قطن، ليس فيها قميص ولا عمامة.

وعندما أرادوا حفر قبره أرسل العباس إِلى أبي طلحة الأنصاري، وأبي عبيدة عامر ابن الجراح، وكان أبو عبيدة يضرح لأهل مكة، وأبو طلحة يلحد لأهل المدينة، وقال العباس: اللهم خر لرسولك، فجاء أبو طلحة فلحد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتشاوروا أين يدفن؟ فقال أبو بكر: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لم يقبر نبيٌّ إِلا حيث يموت" (٣) فأخروا فراشه وحفروا تحته، وصلّى الناس عليه أرسالا يدخل قوم فيصلون ثم يخرجون ولا يؤمهم أحد. ثم دفن - صلى الله عليه وسلم - وتولّى إِنزاله في قبره علي، والفضل، وقثم، وشقران، وأوس بن خولى (٤).


(١) سورة آل عمران، آية ١٤٤.
(٢) صحيح البخاري ح ٤٤٥٤.
(٣) رواه أحمد في المسند، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٣/ ٥٥).
(٤) انظر: الصالحي، سبل الهدى والرشاد (١٢/ ٣٣٦).

<<  <   >  >>