للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصحابه فإِن الشيطان لا يستطيع أن يتصور أو يتشبه برسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة، وأنس رضي الله عنهما وغيرهما عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من رآني في المنام فقد رآني، فإِن الشيطان لا يتمثل بي» (١).

ولتعلم أخي أن الشيطان من عادته الكذب والتغرير بمن يطيعه وقد يُري النائم صورة ويُلقي في رُوعه أنها صورة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو كاذب عليه، لكن إِذا رأى المسلم في المنام أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإِنه لا بد أن يطبق ما رأى على الصفة المنقولة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليكون قد رآه حقًا، فإِن الشيطان لا يستطيع التشبه بالنبي على صورته الحقيقية، وهذا من حماية الله لرسوله وتكريمه له، وصيانة المسلمين من تغرير الشيطان بهم في هذا الجانب.

٢ - الصفات الخُلُقِية، أي الآداب والأخلاق التي تأدب بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذه الصفات كثيرة، مثل الكرم، والشجاعة، والحياء، والعفو، والحلم، واليسر، والسماحة، والتقوى، والبذل، والعطاء، والتواضع، والزهد ... إِلخ، وهي صفات أتت الشريعة بها، وتحلى بها رسولنا - صلى الله عليه وسلم -، وهذا النوع هو المقصود الأعظم من دراسة الشمائل، وهو أكثر فائدة، وأوسع دائرة في التأسي والاتباع والاقتداء. لقد سئلت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنهما - من عدد من الصحابة والتابعين عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،فكان جوابها شاملًا واسعًا رغم وجازة لفظه قالت: (كان خلقه القرآن) (٢).

قال الحافظ ابن كثير: "ومعنى هذا أنه - صلى الله عليه وسلم - مهما أمره به القرآن امتثله ومهما نهاه عنه تركه، هذا مع ما جبله الله عليه من الأخلاق الجبلية الأصلية العظيمة التىِ لم يكن أحد


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التعبير، باب من رأى النبي في المنام، برقم ٩٦٦٣ - ٦٩٩٧ من عدة طرق، وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الرؤيا، برقم ٢٢٦٦، ٢٢٦٨.
(٢) رواه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، ح رقم (٧٤٦).

<<  <   >  >>