للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعينهم النموذج المثالي مطبقًا في الواقع بكل نظافته وعدله واستقامته، فلا يكتفون بدعوتهم إِلى مُثُل ونظريات جميلة غير مطبقة في الواقع، وإِنما يدعونهم إِلى أمر بَيّن يشاهدون تطبيقه في الواقع.

إِنها فتوحات لتمكين الناس من رؤية الحق واقعًا معاشًا، ولذلك كانت الفتوحات الإِسلامية ذات طبيعة مستقرة لأنها مطابقة للفطرة التي فطر الله الناس عليها، فاستقبلتها النفوس السليمة بكل ترحاب وقبلتها، فالفتوحات الإِسلامية وجهاد النبي - صلى الله عليه وسلم - إِنقاذ للبشرية من ظلم بعضهم بعضًا، ومن جور الأديان المبتدعة والمحرفة إِلى رحمة الإِسلام وعدله، وسعة الدنيا والآخرة كما قال ربعي بن عامر أمام رستم: "إِن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إِلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إِلى عدل الإِسلام، ومن ضيق الدنيا إِلى سعة الدنيا والآخرة" (١).

٧ - بيان موقف الرسول - صلى الله عليه وسلم - من المنافقين ومكائدهم

من ثمرات الدراسة للسيرة النبوية، التعرف على موقف الرسول - صلى الله عليه وسلم - من النفاق والمنافقين، وكيف تجاوز مكائدهم الكثيرة حتى فضحهم الله، وعرفهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بسيماهم ولحن قولهم، بل عَرّفه الله بأسمائهم، فأخذ المسلمون حِذرهم منهم، رغم ما أصاب بعضهم من آثار دسائسهم، بل حتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وصله أذاهم في أهله عندما جاء عصبة منهم بالإِفك، لكن جعل الله في ذلك خيرًا، ورفع درجة من ابتلى من المؤمنين بسببهم قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ} (٢).


(١) ابن جرير الطبري، تاريخ الأُمم والرسل ٣/ ٥٢٠.
(٢) سورة النور، آية: ١١ وانظر تفصيل ذلك في مسند الإِمام أحمد ٦/ ١٩٤ وصحيح البخاري ح رقم: ٤٧٥٠ وسيرة ابن هشام ٢/ ٢٦٧ وتفسير ابن كثير ٦/ ١٩ - ٢٦.

<<  <   >  >>