للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٩ - عدم اليأس والثقة بنصر الله لدينه ولأوليائه الصالحين

المطلع على سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وسَيرِ دعوته، يلاحظ في أول الأمر شدة الضغوط التي واجهها - صلى الله عليه وسلم - ثم يرى بعد ذلك انتقالها من نصر إِلى نصر، وازدياد أتباع الدعوة من أهل مكة، ثم من النُّزاع من القبائل رغم الأذى الشديد والمواجهة القوية من المشركين، وتنويعهم الأساليب في محاربة الدعوة وأهلها، يدرك بكل يقين عناية الله وتوفيقه لرسوله - صلى الله عليه وسلم - وللمؤمنين ونصرهم على عدوهم،، وهذا مما يقوي الثقة في نفوس المؤمنين في كل مكان وكل زمان، بأن العاقبة لهم والتمكين سيكون لدينه وحملته، فيجدُّوا ويجتهدوا ويثبتوا حتى يأتيهم النصر، وما يرونه من ظهور الكفار وسيطرتهم في فترة من فترات الزمن لن يكون وضعاً دائماً بل سيزول ويظهر أهل الحق، وهذا من أعظم العوامل على محاربة اليأس، والقيام بالواجب الشرعي حسب المقدرة والاستطاعة، والاجتهاد في ذلك، ومغالبة الكفار حتى يمتلك المسلمون زمام القوة وعُدّة النصر عليهم.

واعلم أن النصر من الله، وله شروط ومستلزمات لا بد من التحقق بها حتى يأتي نصر الله، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (١).

وقال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (٢) فشرط التمكين والاستخلاف في الأرض وحصول الأمن وانتفاء الخوف هو عبادة الله وحده لا شريك له، الذي هو الإِيمان والعمل الصالح المذكور في أول الآية.


(١) سورة محمَّد، آية ٧.
(٢) سورة النور، آية ٥٥.

<<  <   >  >>