ونور هديها على البشرية، فأخرجتها من ظلمات الجهل والظلم والاستكبار إِلى نور الحق والرحمة والعدل في أصدق معانيها وأجلى صورها.
وإِن دراسة السيرة بهذه المعاني العميقة والنصوص الواضحة ستضفي على دارسها الأمن والطمأنينة وسعادة الحياة، والرغبة المستمرة في الدراسة والتأمل في دلائلها وفوائدها مما يدفع للاقتداء والتأسي.
ومادة السيرة النبوية مادة تربوية سلوكية قبل أن تكون معرفية، ولهذا أقرها مجلس جامعة أم القرى ضمن متطلبات الجامعة في كل التخصصات اعتبارًا من العام الدراسي ١٤١٦/ ١٤١٧هـ، وقد أوصى مجلس الجامعة بتأليف كتاب ليكون مقررًا في المادة يحقق أهداف تقريرها ويشمل مفرداتها، ومن ثم صدر قرار معالي مدير الجامعة المؤرخ في ٧/ ١٠ /١٤٢٥ هـ بتكليف عدد من المتخصصين في السيرة النبوية من قسم التاريخ والحضارة الإِسلامية بكلية الشريعة والدراسات الإِسلامية، والمتخصصين من قسم الدعوة في كلية الدعوة وأصول الدين بتأليف الكتاب، كما تضمن القرار تكليف لجنة لمراجعة الكتاب. وأتمت اللجنتان عملهما من تأليف الكتاب ومراجعته -ولله الحمد-.
وقد جرى تقسيم الكتاب إِلى تمهيد وخمسة فصول. عني التمهيد ببيان أهداف دراسة السيرة النبوية ومصادرها وأقسامها، وجملة من فوائد دراستها ذات الارتباط بمقاصد الشريعة وأحوال المتعبدين، عسى أن تكون مساعدة في البناء التربوي للأمة وإخراج الجيل الحاضر من مشكلاته وتوجهاته المتشعبة، والعودة به إِلى المصدر الحق والمنبع الصافي (الكتاب والسنة) وسيجد فيهما الهدى والشفاء لكل العلل والأمراض التي أصابته إِذا أخلص النية ووحّد المقصد، وارتفع عن الشهوات الهابطة وتحرر من الأفكار الوافدة، واهتم بمعالي الأمور، وما السيرة النبوية إِلا تطبيق عملي للوحي المنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.