للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَمعَة لك في صدرك وتقرَأَه: {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} قال: فاستمع له وأنصت، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} ثم إِن علينا أن تقرأه، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذا أتاه جبريل استمع، فإِذا انطلق جبريل قرأه النبي - صلى الله عليه وسلم - كما كان قرأ (١).

وتقول عائشة - رضي الله عنها -: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإِن جبينه ليتفصد عرقًا" (٢).

وقد وقفت خديجة - رضي الله عنها - مع رسول الله موقفًا جليلًا فكانت تهَدّي من روعه، وتثبت له بالدليل بعد الآخر أن الذي جاءه هو الحق من ربه، وأن الله لا يخزيه لما فيه من خصال الخير والبر والمعروف فقالت: كلا والله ما يخزيك الله أبدًا، إِنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتُّكسبِ المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.

ثم انطلقت به - صلى الله عليه وسلم - حتى أتت به رجلًا من أهل العلم، هو ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزّى -ابن عم لها- وكان شيخًا كبيرًا قد عمي، وقد تنصر في الجاهلية، وكان -قبل ذهاب بصره- يكتب الكتاب العبراني، فكان يكتب من الإِنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب، فقالت له خديجة: يا ابن عم اسمع من ابن أخيك، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر ما رأى، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نَزّل الله على موسى، يا ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيًا، إِذ يخرجك قومك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أو مخرجيّ هم؟ قال: نعم، لم يأتِ رجل قط بمثل ما جئت به إِلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرا. ثم لم ينشب -أي يلبث- ورقة أن توفي، وفتر الوحي (٣).


(١) صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، ح رقم (٥) (والآيتان من سورة القيامة: ١٦ - ١٧).
(٢) المصدر نفسه، ح (٢).
(٣) المصدر نفسه، ح رقم (٣).

<<  <   >  >>