للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَعِنْدَ الضَّرُورَةِ يُعَالِجُ بِالْأُصْبُعِ) كَمَا هُوَ حُكْمُ الْخُلْفِ.

(وَ) سُنَّتُهُ أَيْضًا (غَسْلُ الْفَمِ) أَيْ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى جَمِيعِهِ (وَالْأَنْفِ) أَيْ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى الْمَارِنَ (بِمِيَاهٍ) جَدِيدَةٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (وَالْمُبَالَغَةُ فِيهِمَا) وَهِيَ فِي الْأَوَّلِ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى رَأْسِ حَلْقِهِ وَفِي الثَّانِي أَنْ يُجَاوِزَ الْمَارِنَ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ (إلَّا صَائِمًا) لِأَنَّ فِيهَا احْتِمَالَ انْتِقَاضِهِ.

(وَ) سُنَّتُهُ أَيْضًا (تَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ) وَهُوَ أَنْ يُدْخِلَ أَصَابِعَ يَدَيْهِ فِي خِلَالِ لِحْيَتِهِ مِنْ الْأَسْفَلِ إلَى الْأَعْلَى بَعْدَ التَّثْلِيثِ.

(وَ) تَخْلِيلُ (الْأَصَابِعِ) مِنْ الْيَدِ وَالرِّجْلَيْنِ بَعْدَ التَّثْلِيثِ، وَكَيْفِيَّتُهُ فِي الْيَدَيْنِ أَنْ يُشَبِّكَ بَيْنَهُمَا وَفِي الرِّجْلَيْنِ أَنْ يُخَلِّلَ بِخِنْصَرِ يَدِهِ الْيُسْرَى فَيَبْدَأُ مِنْ خِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى وَيَخْتِمَ بِخِنْصَرِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى مِنْ الْأَسْفَلِ (وَ) سُنَّتُهُ أَيْضًا (تَثْلِيثُ الْغَسْلِ) لِأَعْضَاءِ الْوُضُوءِ الْمَغْسُولَاتِ (وَمَسْحُ كُلِّ الرَّأْسِ مَرَّةً) وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَضَعَ كَفَّيْهِ وَأَصَابِعَهُ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَيَمُدَّهُمَا إلَى قَفَاهُ عَلَى وَجْهٍ يَسْتَوْعِبُ جَمِيعَ الرَّأْسِ ثُمَّ يَمْسَحُ أُذُنَيْهِ بِأُصْبُعَيْهِ وَلَا يَكُونُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا لِأَنَّ الِاسْتِيعَابَ بِمَاءٍ وَاحِدٍ لَا يَكُونُ إلَّا بِهَذَا الطَّرِيقِ وَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ يُجَافِي كَفَّيْهِ تَحَرُّزًا عَنْ الِاسْتِعْمَالِ لَا يُفِيدُ إذْ لَا بُدَّ مِنْ الْوَضْعِ وَالْمَدِّ فَإِنْ كَانَ مُسْتَعْمَلًا بِالْوَضْعِ الْأَوَّلِ فَكَذَا بِالثَّانِي فَلَا يُفِيدُ تَأْخِيرُهُ كَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ أَقُولُ: وَأَيْضًا اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ مَا دَامَ فِي الْعُضْوِ لَمْ يَكُنْ مُسْتَعْمَلًا (وَ) مَسْحُ (الْأُذُنَيْنِ) دَاخِلِهِمَا بِسَبَّابَتَيْهِ وَخَارِجِهِمَا بِإِبْهَامَيْهِ (بِمَائِهِ) أَيْ الرَّأْسِ (وَالتَّرْتِيبُ) الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي آيَةِ الْوُضُوءِ (وَالْوِلَاءُ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَهُوَ غَسْلُ الْأَعْضَاءِ عَلَى التَّعَاقُبِ بِحَيْثُ لَا يَجِفُّ الْعُضْوُ الْأَوَّلُ فِي اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ.

(وَمُسْتَحَبُّهُ التَّيَامُنُ) أَيْ الشُّرُوعُ مِنْ جَانِبِ الْيَمِينِ (وَمَسْحُ الرَّقَبَةِ لَا الْحُلْقُومِ) فَإِنَّ مَسْحَهُ بِدْعَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

(وَمِنْ آدَابِهِ) إنَّمَا قَالَ هَكَذَا لِأَنَّ لَهُ آدَابًا أُخْرَى ذُكِرَتْ فِي الْمُطَوَّلَاتِ (اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ) عِنْدَ الْوُضُوءِ (وَدَلْكُ أَعْضَائِهِ وَإِدْخَالُ خِنْصَرِهِ صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الْوَقْتِ لِغَيْرِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الضَّرُورَةِ يُعَالِجُ بِالْأُصْبُعِ) أَقُولُ هِيَ كَفَقْدِ أَسْنَانِهِ أَوْ فَقْدِ السِّوَاكِ فَيَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُهُ لَا عِنْدَ الْوُجُودِ مَعَ الْقُدْرَةِ، وَالْعِلْكُ يَقُومُ مَقَامَهُ لِلْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ: وَغَسْلُ الْفَمِ، وَالْأَنْفِ) اخْتَارَ التَّعْبِيرَ بِهِ دُونَ الْمَضْمَضَةِ، وَالِاسْتِنْشَاقِ لِلِاخْتِصَارِ وَإِلَّا فَهُمَا أَوْلَى لِمَا سَنَذْكُرُ اهـ.

وَقَالَ فِي إيضَاحِ الْإِصْلَاحِ اعْلَمْ أَنَّ الْمَضْمَضَةَ لَيْسَتْ غَسْلَ الْفَمِ وَكَذَا الِاسْتِنْشَاقُ لَيْسَ غَسْلَ الْأَنْفِ بَلْ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ إدَارَةِ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَمَجِّهِ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ جَذْبِ الْمَاءِ بِالنَّفَسِ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي فَضْلِ الْجَنَائِزِ مِنْ غَايَةِ الْبَيَانِ فَمَنْ بَدَّلَهَا بِغَسْلِ الْفَمِ، وَالْأَنْفِ لَمْ يُصِبْ اهـ.

قُلْت يَظْهَرُ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَجَّ مِنْ شَرْطِ الْمَضْمَضَةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ اهـ.

وَلِذَا قَالَ الْعَيْنِيُّ التَّعْبِيرُ بِالْمَضْمَضَةِ، وَالِاسْتِنْشَاقِ أَوْلَى مِنْ الْغَسْلِ لِمَا فِي الْمَضْمَضَةِ مِنْ مَعْنًى زَائِدٍ عَلَى مُجَرَّدِ الْغَسْلِ وَهُوَ إدَارَةُ الْمَاءِ فِي الْفَمِ، وَفِي الِاسْتِنْشَاقِ مِنْ جَذْبِهِ بِرِيحِ الْأَنْفِ لِتَحْصُلَ الْمُبَالَغَةُ الَّتِي هِيَ سُنَّةٌ لِغَيْرِ الصَّائِمِ لِحَدِيثِ: بَالِغْ «إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» وَذَلِكَ بِالْغَرْغَرَةِ، وَالِاسْتِنْثَارِ وَلَوْ بَلَعَهُ أَجْزَأَ إذْ الْمَجُّ لَيْسَ بِشَرْطٍ لَكِنَّهُ أَفْضَلُ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ كَذَا قَالَهُ الْمَقْدِسِيُّ (قَوْلُهُ: بِمِيَاهٍ) أَقُولُ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِغَسْلِ الْفَمِ، وَالْأَنْفِ لِأَنَّ السُّنَّةَ أَخْذُ مَاءٍ جَدِيدٍ لِكُلِّ غَسْلَةٍ مِنْ تَثْلِيثِ غَسْلِهِمَا وَلَوْ أَخَذَ مَاءً فَمَضْمَضَ بِبَعْضِهِ وَاسْتَنْشَقَ بِبَاقِيهِ جَازَ وَعَكْسُهُ لَا يُجْزِيهِ فِي السُّنَّةِ أَوْ الْفَرْضِ فِي الْجَنَابَةِ، وَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يَصِيرُ آتِيًا بِالسُّنَّةِ فَمُرَادُهُ أَصْلُ سُنَّةِ الْمَضْمَضَةِ وَمَنْ نَفَاهُ أَرَادَ السُّنَّةَ فِيهَا أَيْ تَجْدِيدَ الْمِيَاهِ، وَالْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ سُنَّتَانِ مُؤَكَّدَتَانِ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ الْمُؤَكَّدَ فِي قُوَّةِ الْوَاجِبِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَقْدِسِيِّ (قَوْلُهُ: وَتَخْلِيلُ اللِّحْيَةِ) أَقُولُ هَذَا فِي حَقِّ غَيْرِ الْمُحْرِمِ وَقَيَّدَهُ فِي السِّرَاجِ بِأَنْ يَكُونَ بِمَاءٍ مُتَقَاطِرٍ فِي الْأَصَابِعِ دُونَ اللِّحْيَةِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ الْإِدْخَالُ فِي الْمَاءِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ يُفَضِّلَانِهِ وَرَجَّحَ فِي الْمَبْسُوطِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ: وَفِي الرِّجْلَيْنِ أَنْ يُخَلِّلَ إلَى آخِرِهِ) قَالَ الْكَمَالُ فِي الْقُنْيَةِ كَذَا وَرَدَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَمِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَمْرٌ اتِّفَاقِيٌّ لَا سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ: وَتَثْلِيثُ الْغَسْلِ) أَقُولُ لَكِنَّ الْأُولَى فَرْضٌ، وَالثَّانِيَةَ سُنَّةٌ، وَالثَّالِثَةَ إكْمَالُ السُّنَّةِ، وَقِيلَ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ سُنَّةٌ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْأُذُنَيْنِ بِمَائِهِ) أَيْ الرَّأْسِ قُلْت لَا يَتَقَيَّدُ بِذَلِكَ، قَالَ فِي الْبُرْهَانِ وَمَسْحُ الْأُذُنَيْنِ وَلَوْ بِمَائِهِ أَيْ الرَّأْسِ.

[مُسْتَحَبَّات الْوُضُوء]

(قَوْلُهُ: وَمُسْتَحَبُّهُ التَّيَامُنُ) يَعْنِي فِي الْأَعْضَاءِ الْمَغْسُولَةِ وَلَيْسَ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عُضْوَانِ لَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْأَيْمَنِ مِنْهُمَا إلَّا الْأُذُنَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُتَوَضِّئُ أَقْطَعَ لَا يُمْكِنُهُ مَسْحُهُمَا مَعًا فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالْيَمِينِ، وَبِالْخَدِّ الْأَيْمَنِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: وَمَسْحُ الرَّقَبَةِ) أَقُولُ جَعَلَهُ وَمَا قَبْلَهُ مَسْنُونًا فِي الْبُرْهَانِ وَضَعَّفَ اسْتِحْبَابَهُ، فَقَالَ وَسُنَّ الْبُدَاءَةُ بِالْمَيَامِنِ وَرُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَمُقَدَّمِ الرَّأْسِ وَمَسْحِ الرَّقَبَةِ وَقِيلَ: إنَّ الْأَرْبَعَةَ مُسْتَحَبَّاتٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَدَلْكُ أَعْضَائِهِ) جَعَلَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْمَوَاهِبِ مِنْ السُّنَنِ وَجَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ سُنَّةً فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ السُّنَّةَ إكْمَالُ الْفَرْضِ فِي مَحَلِّهِ اهـ.

وَهُوَ كَذَلِكَ هُنَا (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الْوَقْتِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَعِنْدِي أَنَّهُ مِنْ آدَابِ الصَّلَاةِ لَا الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ لِفِعْلِ الصَّلَاةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>