للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ) بِمَاءٍ (اُسْتُعْمِلَ لِقُرْبَةٍ أَوْ رَفْعِ حَدَثٍ) الْمَاءُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بِكُلٍّ مِنْ الْقُرْبَةِ وَإِزَالَةِ الْحَدَثِ، فَإِذَا تَوَضَّأَ الْمُحْدِثُ وُضُوءًا غَيْرَ مَنْوِيٍّ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا وَلَوْ تَوَضَّأَ غَيْرُ الْمُحْدِثِ وُضُوءًا مَنْوِيًّا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا أَيْضًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بِالثَّانِي فَقَطْ (وَإِنْ كَانَ) الْمَاءُ الْمُسْتَعْمَلُ (طَاهِرًا فِي الصَّحِيحِ) احْتِرَازٌ عَمَّا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ نَجَسٌ نَجَاسَةً غَلِيظَةً، وَعَمَّا قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّهُ نَجَسٌ نَجَاسَةً خَفِيفَةً، وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

(الْإِهَابُ) وَهُوَ جِلْدٌ غَيْرُ مَدْبُوغٍ (يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ) وَهُوَ مَا يَمْنَعُ النَّتْنَ، وَالْفَسَادَ وَإِنْ كَانَ تَشْمِيسًا أَوْ تَتْرِيبًا (إلَّا) إهَابَا (الْخِنْزِيرِ، وَالْآدَمِيِّ) قَدَّمَ الْخِنْزِيرَ لِكَوْنِ الْمَقَامِ لِلْإِهَانَةِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِنَجَاسَةِ عَيْنِهِ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِكَرَامَتِهِ (وَمَا) أَيْ جِلْدٌ (يَطْهُرُ بِهِ) أَيْ بِالدِّبَاغِ (يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ) لِأَنَّهَا تَعْمَلُ عَمَلَ الدِّبَاغِ فِي إزَالَةِ الرُّطُوبَاتِ النَّجِسَةِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْوِقَايَةِ: وَمَا يَطْهُرُ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ أَقُولُ فِيهِ تَسَامُحٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ضَمِيرَ " يَطْهُرُ " الثَّانِيَ رَاجِعٌ إلَى مَا، وَهُوَ فَاسِدٌ لِاقْتِضَائِهِ اسْتِدْرَاكَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَكَذَلِكَ يَطْهُرُ لَحْمُهَا وَإِنْ أُرْجِعَ إلَى جِلْدِهِ لَزِمَ التَّفْكِيكُ فَحَقُّ الْعِبَارَةِ مَا ذَكَرْنَا (بِخِلَافِ لَحْمِهِ فِي الصَّحِيحِ) كَذَا فِي الْكَافِي نَقْلًا عَنْ الْأَسْرَارِ وَإِنْ كَانَ فِي الْهِدَايَةِ خِلَافَهُ وَذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْخِنْزِيرَ إذَا ذُبِحَ طَهُرَ جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ.

(شَعْرُ الْمَيْتَةِ وَعَظْمُهَا وَعَصَبُهَا وَحَافِرُهَا وَقَرْنُهَا وَشَعْرُ الْإِنْسَانِ وَعَظْمُهُ وَدَمُ السَّمَكِ طَاهِرٌ) أَمَّا السَّبْعَةُ الْأُولَى فَلِأَنَّ الْحَيَاةَ لَا تُحِلُّهَا، وَأَمَّا الْأَخِيرُ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَمٍ حَقِيقَةً بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَبْيَضُّ إذَا جَفَّ (كَذَا شَعْرُ الْخِنْزِيرِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) لِضَرُورَةِ اسْتِعْمَالِهِ فَلَا يَنْجُسُ الْمَاءُ بِوُقُوعِهِ فِيهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ نَجَسٌ فَيَتَنَجَّسُ الْمَاءُ.

(، وَالْكَلْبُ نَجِسُ الْعَيْنِ) صَرَّحَ بِهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي مَبْسُوطِهِ قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ عِنْدَنَا أَنَّ عَيْنَ الْكَلْبِ نَجِسٌ أَشَارَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْكِتَابِ (وَقِيلَ لَا) لِأَنَّ بَعْضَ مَشَايِخِنَا يَقُولُونَ: إنَّ عَيْنَهُ لَيْسَ بِنَجِسٍ وَيَسْتَدِلُّونَ بِطَهَارَةِ جِلْدِهِ بِالدِّبَاغِ.

وَقَالَ فِي التَّجْرِيدِ الْكَلْبُ نَجِسُ الْعَيْنِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ (وَقِيلَ جِلْدُهُ نَجَسٌ وَشَعْرُهُ طَاهِرٌ) فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ الْكَلْبُ إذَا دَخَلَ الْمَاءَ ثُمَّ خَرَجَ وَانْتَفَضَ فَأَصَابَ ثَوْبَ إنْسَانٍ أَفْسَدَهُ وَلَوْ أَصَابَهُ مَاءُ مَطَرٍ وَبَاقِي الْمَسْأَلَةِ بِحَالِهَا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: أَوْ بِمَاءٍ اُسْتُعْمِلَ لِقُرْبَةٍ) أَقُولُ وَهِيَ كَمَا لَوْ تَوَضَّأَ عَلَى وُضُوئِهِ بِنِيَّتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَكَذَا لَوْ غَسَلَ يَدَيْهِ لِلطَّعَامِ أَوْ مِنْهُ أَوْ تَوَضَّأَتْ حَائِضٌ تَقْصِدُ الْإِتْيَانَ بِالْمُسْتَحَبِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَبِغَسْلِ ثَوْبٍ طَاهِرٍ أَوْ دَابَّةٍ تُؤْكَلُ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ رَأْسِهِ لِلطِّينِ أَوْ الدَّرَنِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ رَفْعِ حَدَثٍ) أَقُولُ وُضُوءُ الصَّبِيِّ كَالْبَالِغِ وَبِتَعْلِيمِ الْوُضُوءِ إذَا لَمْ يُرِدْ سِوَاهُ لَا يُسْتَعْمَلُ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ: الْمَاءُ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا. . . إلَخْ) كَذَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِثَالِثٍ أَيْضًا وَهُوَ سُقُوطُ الْفَرْضِ بِغَسْلِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَإِنْ لَمْ يَرْتَفِعْ الْحَدَثُ لِعَدَمِ تَجَزِّيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْكَمَالُ (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ بِالثَّانِي فَقَطْ) أَقُولُ هَذَا عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ تَخْرِيجًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْجُنُبِ الْمُنْغَمِسِ فِي الْبِئْرِ، وَمَنَعَهُ السَّرَخْسِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ لَيْسَ بِمَرْوِيٍّ عَنْهُ نَصًّا، وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُ أَنَّ إزَالَةَ الْحَدَثِ بِالْمَاءِ مُفْسِدٌ لَهُ إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَمِثْلُهُ عَنْ الْجُرْجَانِيِّ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

[طَهَارَة الْجُلُود بِالدِّبَاغِ]

(قَوْلُهُ: الْإِهَابُ يَطْهُرُ بِالدِّبَاغِ) يَعْنِي إنْ كَانَ يَحْتَمِلُ الدِّبَاغَ لَا مَا لَا يَحْتَمِلُهُ كَجِلْدِ الْحَيَّةِ الصَّغِيرَةِ وَالْفَأْرَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ، وَأَمَّا قَمِيصُ الْحَيَّةِ فَهُوَ طَاهِرٌ عَلَى الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَمْنَعُ النَّتْنَ. . . إلَخْ) يُشِيرُ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَوْ جَفَّ وَلَمْ يَسْتَحِلْ لَمْ يَطْهُرْ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ (قَوْلُهُ: وَمَا يَطْهُرُ بِهِ أَيْ بِالدِّبَاغِ يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ) أَقُولُ قُيِّدَتْ الذَّكَاةُ بِالشَّرْعِيَّةِ فَخَرَجَ ذَكَاةُ الْمَجُوسِيِّ حَيَوَانًا، وَالْمُحْرِمِ صَيْدًا وَتَارِكُ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَالْبَحْرِ وَالْفَتْحِ وَلَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الزَّاهِدِيِّ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ، وَالْمُجْتَبَى: إنَّ ذَبِيحَةَ الْمَجُوسِيِّ وَتَارِكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا تُوجِبُ الطَّهَارَةَ عَلَى الْأَصَحِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا ثُمَّ قَالَ: وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ صَاحِبَ النِّهَايَةِ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ بِصِيغَةِ قِيلَ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى قَاضِي خَانْ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَحْمِهِ فِي الصَّحِيحِ) أَقُولُ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَصَحُّ تَصْحِيحٍ يُفْتَى بِهِ فِيهَا وَوُجِّهَ فِي الْبُرْهَانِ.

[طَهَارَة شعر الْمَيِّتَة وَعَظْمُهَا وَعَصَبُهَا وَحَافِرُهَا وَقَرْنُهَا وَشَعْرُ الْإِنْسَانِ وَعَظْمُهُ وَدَمُ السَّمَك]

(قَوْلُهُ: شَعْرُ الْمَيْتَةِ. . . إلَخْ) أَقُولُ ذَكَرَ الْكَمَالُ أَنَّ الْعَصَبَ مِمَّا اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى طَهَارَتِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ كَلَامِ الْكَمَالِ فِي إدْخَالِ الْعَصَبِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا خِلَافَ فِيهَا نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحُوا أَنَّ فِي الْعَصَبِ رِوَايَتَيْنِ وَصَرَّحَ فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ أَنَّ الصَّحِيحَ نَجَاسَتُهُ إلَّا أَنَّ صَاحِبَ الْفَتْحِ تَبِعَ صَاحِبَ الْبَدَائِعِ. اهـ.

[طَهَارَة الْكَلْب]

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا) قَالَ الْكَمَالُ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي التَّصْحِيحِ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْعُمُومُ طَهَارَةُ عَيْنِهِ يَعْنِي الْكَلْبَ وَلَمْ يُعَارِضْهُ مَا يُوجِبُ نَجَاسَتَهَا فَوَجَبَ حَقِيقَةُ تَصْحِيحِ عَدَمِ نَجَاسَتِهَا فَيَطْهُرُ يَعْنِي جِلْدُهُ بِالدِّبَاغِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُتَّخَذُ دَلْوًا. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ جِلْدُهُ نَجِسٌ وَشَعْرُهُ طَاهِرٌ) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَعُلِمَ بِمَا قَرَّرْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِ مَنْ قَالَهُ بِنَجَاسَةِ عَيْنِ الْكَلْبِ الشَّعْرُ بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ بِنَجَاسَةِ عَيْنِ الْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ شَعْرُهُ أَيْضًا فَلْيُرَاجِعْ مَا قَرَّرَهُ مَنْ أَرَادَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>