للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ لِأَنَّ الدَّائِرَةَ أَوْسَعُ الْأَشْكَالِ وَهُوَ مُبَرْهَنٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحُسَّابِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

(لَا) أَيْ لَا يَجُوزَانِ (بِمَا) الرِّوَايَةُ بِالْقَصْرِ عَلَى أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ (اُعْتُصِرَ مِنْ شَجَرٍ) وَاخْتُلِفَ فِي الْمُتَقَاطِرِ مِنْ الشَّجَرِ فِي الْهِدَايَةِ مَا يَقْطُرُ مِنْ الْكَرْمِ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ.

وَفِي الْمُحِيطِ لَا يُتَوَضَّأُ بِمَا يَسِيلُ مِنْ الْكَرْمِ لِكَمَالِ الِامْتِزَاجِ (أَوْ) اُعْتُصِرَ مِنْ (ثَمَرٍ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَيْسَ بِمَاءٍ مُطْلَقٍ إذْ لَا يَتَبَادَرُ إلَيْهِ الذِّهْنُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.

(وَ) لَا يَجُوزَانِ أَيْضًا (بِمَاءٍ) بِالْمَدِّ (زَالَ طَبْعُهُ) وَهُوَ السَّيَلَانُ وَالْإِرْوَاءُ وَالْإِنْبَاتُ بِالطَّبْخِ (كَشَرَابِ الرِّيبَاسِ) مِثَالٌ لِمَا اُعْتُصِرَ مِنْ شَجَرٍ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِمَّا قِيلَ كَالْأَشْرِبَةِ فَإِنَّهُ عَلَى عُمُومِهِ مُشْكِلٌ (وَالْخَلِّ) مِثَالُ مَا اُعْتُصِرَ مِنْ ثَمَرٍ (وَالْمَرَقِ) مِثَالٌ لِمَا زَالَ طَبْعُهُ بِالطَّبْخِ (أَوْ بِغَلَبَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ) وَلَمْ يُمَثِّلْ لَهُ لِأَنَّ عِبَارَاتِ الْقَوْمِ فِيهِ مُخْتَلِفَةٌ وَرِوَايَاتِهِمْ فِي الظَّاهِرِ مُتَخَالِفَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَابِطَةٍ يُعْرَفُ بِهَا حَقِيقَةُ الْحَالِ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُتْلَى عَلَيْك مِنْ الْمَقَالِ وَهِيَ أَنَّ الْمُطَهِّرَ هُوَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ فَزَوَالُ إطْلَاقِهِ إمَّا بِكَمَالِ الِامْتِزَاجِ أَوْ بِغَلَبَةِ الْمُمْتَزِجِ، الْأَوَّلُ إمَّا بِالطَّبْخِ بِطَاهِرٍ لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّنْظِيفُ أَوْ بِتَشَرُّبِ النَّبَاتِ بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ بِلَا عِلَاجٍ، وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخَالِطُ جَامِدًا أَوْ مَائِعًا فَالْأَوَّلُ إنْ جَرَى عَلَى الْأَعْضَاءِ فَالْغَالِبُ الْمَاءُ، وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخَالِطُ لَا يُخَالِفُ الْمَاءَ فِي صِفَةٍ مِنْ اللَّوْنِ وَالطَّعْمِ وَالرَّائِحَةِ أَوْ يُخَالِفُهُ فِي جَمِيعِهَا أَوْ فِي بَعْضِهَا، فَالْأَوَّلُ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ بِطَهَارَتِهِ، وَالْمُسْتَخْرَجِ مِنْ النَّبَاتِ بِالتَّقْطِيرِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْغَلَبَةُ بِالْأَجْزَاءِ، وَالثَّانِي إنْ غَيَّرَ الثَّلَاثَ أَوْ الثِّنْتَيْنِ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ وَإِلَّا جَازَ، وَإِنْ خَالَفَهُ فِي صِفَةٍ أَوْ صِفَتَيْنِ يُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ كَاللَّبَنِ مَثَلًا يُخَالِفُهُ فِي اللَّوْنِ وَالطَّعْمِ فَإِنْ كَانَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ غَالِبًا فِيهِ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ وَإِلَّا جَازَ وَكَذَا مَاءُ الْبِطِّيخِ وَنَحْوِهِ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْغَلَبَةُ بِالطَّعْمِ فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ جَمِيعُ مَا جَاءَ مِنْهُمْ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

التَّحَكُّمِ بِتَقْدِيرٍ مُعَيَّنٍ اهـ.

لَكِنَّ التَّفَاوُتَ بَيْنَ مَا نَقَلَ الْمُصَنِّفُ وَالْكَمَالُ مِنْ جِهَةِ الْحِسَابِ بَعِيدٌ، وَالصَّوَابُ وَاضِحٌ لِمَنْ يَعْرِفُ الْحِسَابَ.

(ثُمَّ قُلْت) مُبَيِّنًا لِلصَّوَابِ وَهُوَ كَلَامُ الظَّهِيرِيَّةِ الَّذِي تَبِعَهُ مُؤَلِّفُ الدُّرَرِ وَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَإِنَّ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ فِي الْمُدَوَّرِ تَبْلُغُ مِائَةَ ذِرَاعٍ كَالْعَشْرِ فِي عُشْرِ الْمُرَبَّعِ بِزِيَادَةِ كَسْرٍ فَإِلْزَامُ قَدْرٍ يَزِيدُ عَلَى السِّتَّةِ وَالثَّلَاثِينَ لَا وَجْهَ لَهُ عَلَى التَّقْدِيرِ بِعَشْرٍ فِي عَشْرٍ عِنْدَ جَمِيعِ الْحُسَّابِ، وَطَرِيقُ مِسَاحَتِهِ أَنْ تَضْرِبَ نِصْفَ قُطْرِ الْمُسْتَدِيرِ فِي نِصْفِ دَوْرِهِ يَكُونُ مِائَةَ ذِرَاعٍ وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ ذِرَاعٍ، وَقُطْرُ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ أَحَدَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَخُمْسُ ذِرَاعٍ، وَنِصْفُ الْقُطْرِ خَمْسَةٌ وَنِصْفٌ وَعَشْرٌ فَتَضْرِبُ نِصْفَ الْقُطْرِ فِي نِصْفِ السِّتَّةِ وَالثَّلَاثِينَ وَهُوَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَبْلُغُ مِائَةَ ذِرَاعٍ وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ ذِرَاعٍ، بَيَانُهُ: أَنْ تَبْسُطَ الْخَمْسَةَ وَالنِّصْفَ، وَالْعَشْرَ سِتَّةً وَخَمْسِينَ لِدُخُولِ النِّصْفِ فِي الْعَشْرِ وَزِيَادَةُ وَاحِدٍ هُوَ بَسْطُ الْكَسْرِ ثُمَّ تَضْرِبُ سِتَّةً وَخَمْسِينَ فِي ثَمَانِيَةَ عَشَرَ الَّتِي هِيَ نِصْفُ الدَّوْرِ فَيَخْرُجُ أَلْفٌ وَثَمَانِيَةٌ فَتَقْسِمُهَا عَلَى مَخْرَجِ الْكَسْرِ وَهُوَ عَشَرَةٌ وَبِقِسْمَةِ أَلْفٍ عَلَى عَشَرَةٍ يَخْرُجُ مِائَةٌ وَبِقِسْمَةِ ثَمَانِيَةٍ عَلَى عَشَرَةٍ يَخْرُجُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسٍ كَمَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ وَهَذَا مِثَالُ الْحَوْضِ الْمُدَوَّرِ وَقُطْرِهِ، وَالْقُطْرُ: هُوَ الْخَطُّ الْمَارُّ عَلَى الْمَرْكَزِ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى جَانِبَيْ الْمُحِيطِ لِلْمُدَوَّرَةِ، وَنِصْفُهُ هُوَ هَذَا الْقَاطِعُ لِنِصْفِهِ بِالْمُشَاهَدَةِ وَبُرْهَانُ ذَلِكَ أَنَّنَا عَلِمْنَا الدَّوْرَ وَالْمِسَاحَةَ الَّتِي هِيَ تَكْسِيرُ الدَّائِرَةِ فَقَسَمْنَا الْمِسَاحَةَ عَلَى رُبْعِ الدَّوْرِ وَهُوَ تِسْعَةٌ فَخَرَجَ الْقُطْرُ أَحَدَ عَشَرَ ذِرَاعًا وَخُمُسَ ذِرَاعٍ وَبُرْهَانُ اعْتِبَارِ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ بِقِسْمَةِ الْمِسَاحَةِ وَهِيَ مِائَةُ ذِرَاعٍ وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ ذِرَاعٍ عَلَى نِصْفِ الْقُطْرِ فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ وَقَدْ بَسَطْنَا ذَلِكَ بِرِسَالَةٍ سَمَّيْتهَا الزَّهْرُ النَّضِيرُ عَلَى الْحَوْضِ الْمُسْتَدِيرِ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ الْقَوْلَ الْمُخَالِفَ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُدَوَّرُ أَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ أَوْ سِتَّةً وَأَرْبَعِينَ أَوْ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ لَا وَجَهْلِهِ فِي قَوْلِ الْحُسَّابِ مَعَ اعْتِبَارِ الْعَشْرِ فِي الْعَشْرِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مُلْهِمِ الصَّوَابِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُحِيطِ لَا يَتَوَضَّأُ بِمَا يَسِيلُ مِنْ الْكَرْمِ) أَقُولُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلِ إمَّا بِالطَّبْخِ بِطَاهِرٍ لَا يَقْصِدُ بِهِ التَّنْظِيفَ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ طُبِخَ بِمَا يُقْصَدُ بِهِ التَّنْظِيفُ لَا يَزُولُ بِهِ إطْلَاقُهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الْمَاءِ فَيَسْلُبُ رِقَّتَهُ (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ لَا يَخْرُجُ بِلَا عِلَاجٍ) هَذَا عَلَى غَيْرِ الْأَظْهَرِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَمَّا عَلَى الْأَظْهَرِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ خُرُوجِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِعِلَاجٍ (قَوْلُهُ: كَاللَّبَنِ مَثَلًا يُخَالِفُهُ فِي اللَّوْنِ وَالطَّعْمِ فَإِنْ كَانَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ غَالِبًا فِيهِ لَمْ يَجُزْ) أَقُولُ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ فَإِنْ كَانَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ بِأَوْ لَا بِالْوَاوِ كَمَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْمُقْتَحِمُ لِهَذَا الضَّابِطِ فَإِنْ كَانَ لَوْنُ اللَّبَنِ أَوْ طَعْمُهُ هُوَ الْغَالِبُ فِيهِ لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ وَإِلَّا جَازَ (وَتَوْضِيحُهُ) مَا قَالَهُ فِي تِبْيَانِ التَّوْفِيقِ بِقَوْلِهِ: وَيُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إنْ غَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُخَالِطُ يُخَالِفُهُ فِي الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إذَا غَيَّرَ أَحَدَ أَوْصَافِهِ لَا يَجُوزُ عَلَى مَا إذَا كَانَ يُخَالِفُهُ فِي وَصْفٍ وَاحِدٍ أَوْ وَصْفَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>