للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا هُوَ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ رَبِحَ أَوْ لَا (بِلَا زِيَادَةٍ عَلَى الْمَشْرُوطِ) كَمَا هُوَ حُكْمُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَقَدْ مَرَّ (وَلَا ضَمَانَ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ (كَالصَّحِيحَةِ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَلَا يَكُونُ ضَمِينًا (وَأَمَّا دَفْعُ الْمَالِ إلَى آخَرَ وَشَرْطُ الرِّبْحِ لِلْمَالِكِ فَبِضَاعَةٌ وَ) شَرْطُهُ (لِلْعَامِلِ فَقَرْضٌ) وَإِنَّمَا غَيَّرَ أُسْلُوبَ الْوِقَايَةِ حَيْثُ لَمْ يَعُدَّ الْبِضَاعَةَ وَالْقَرْضَ فِي سِلْكِ الْإِيدَاعِ وَغَيْرِهِ لِمَا يَرِدُ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ الْمُضَارَبَةَ إذَا كَانَتْ عَقْدَ شَرِكَةٍ فِي الرِّبْحِ فَكَيْفَ تَكُونُ بِضَاعَةً أَوْ قَرْضًا

(وَشَرْطُهَا سِتَّةٌ) الْأَوَّلُ (كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ الْأَثْمَانِ فَلَا تَصِحُّ إلَّا بِمَالٍ تَصِحُّ بِهِ الشَّرِكَةُ) لِأَنَّهَا تَصِيرُ شَرِكَةً بِحُصُولِ الرِّبْحِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَالٍ تَصِحُّ بِهِ الشَّرِكَةُ وَهُوَ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ وَالتِّبْرُ وَالْفُلُوسُ النَّافِقَةُ كَمَا سَيَأْتِي (وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَرَضًا وَأَمَرَ بِبَيْعِهِ وَعَمَلِ مُضَارَبَةٍ فِي ثَمَنِهِ فَقَبِلَ صَحَّ) لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ الْمُضَارَبَةَ إلَى الْعَرْضِ بَلْ إلَى ثَمَنِهِ وَهُوَ مِمَّا تَصِحُّ بِهِ الْمُضَارَبَةُ وَالْإِضَافَةُ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ تَجُوزُ لِأَنَّهَا وَكَالَةٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ إجَارَةٌ فَلَا يَمْنَعُ شَيْءٌ مِنْهَا الْإِضَافَةَ إلَيْهِ (وَ) الثَّانِي (كَوْنُهُ عَيْنًا لَا دَيْنًا) لِأَنَّ الْمُضَارِبَ أَمِينٌ ابْتِدَاءً وَلَا يَتَصَوَّرُ كَوْنُهُ أَمِينًا فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ (فَلَوْ قَالَ اعْمَلْ بِالدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّتِك مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ لَمْ يَجُزْ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى ثَالِثٍ فَقَالَ اقْبِضْ مَالِي عَلَى فُلَانٍ وَاعْمَلْ بِهِ مُضَارَبَةً) حَيْثُ يَجُوزُ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْمُضَارَبَةَ إلَى زَمَانِ الْقَبْضِ وَالدَّيْنُ فِيهِ يَصِيرُ عَيْنًا وَهُوَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ الْمَالِ (وَ) الثَّالِثُ (تَسْلِيمُهُ إلَى الْمُضَارِبِ) حَتَّى لَا يَبْقَى لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ يَدٌ لِأَنَّ الْمَالَ يَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَهُ فَلَا يَتِمُّ إلَّا بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ كَالْوَدِيعَةِ بِخِلَافِ الشَّرِكَةِ لِأَنَّ الْمَالَ فِي الْمُضَارَبَةِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالْعَمَلَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَخْلُصَ الْمَالُ لِلْعَامِلِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَأَمَّا الْعَمَلُ فِي الشَّرِكَةِ فَمِنْ الْجَانِبَيْنِ فَلَوْ شُرِطَ خُلُوصُ الْيَدِ لِأَحَدِهِمَا لَمْ تَنْعَقِدْ الشَّرِكَةُ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا وَهُوَ الْعَمَلُ مِنْهُمَا (فَشَرْطُ الْعَمَلِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ يُفْسِدُهَا) أَيْ إنْ شَرَطَا أَنْ يَعْمَلَ الْمَالِكُ مَعَ الْمُضَارِبِ فَسَدَتْ الْمُضَارَبَةُ لِأَنَّ هَذَا شَرْطٌ يَمْنَعُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ وَالتَّخْلِيَةُ بَيْنَ الْمَالِ وَالْمُضَارِبِ شَرْطُ صِحَّةِ الْعَقْدِ فَمَا يَأْبَاهُ كَانَ مُفْسِدًا ضَرُورَةً (وَ) الرَّابِعُ (كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ مَعْلُومًا) لِئَلَّا يَقَعَا فِي الْمُنَازَعَةِ (تَسْمِيَةً) بِأَنْ يَعْقِدَا عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَالٍ تَصِحُّ بِهِ الشَّرِكَةُ (أَوْ إشَارَةً) كَمَا إذَا دَفَعَ مُضَارَبَةً إلَى رَجُلٍ دَرَاهِمَ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَكُونُ الْقَوْلُ فِي قَدْرِهَا وَصِفَتِهَا لِلْمُضَارِبِ مَعَ يَمِينِهِ وَالْبَيِّنَةُ لِلْمَالِكِ (وَ) الْخَامِسُ (كَوْنُ نَصِيبِ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ مَعْلُومًا عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْعَقْدِ لِأَنَّ الرِّبْحَ هُوَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَجَهَالَتُهُ تُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ (وَ) السَّادِسُ (شُيُوعُ الرِّبْحِ بَيْنَهُمَا بِحَيْثُ لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدُهُمَا دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً) لِقَطْعِهِ الشَّرِكَةَ فِي الرِّبْحِ لِاحْتِمَالِ أَنْ لَا يَحْصُلَ مِنْ الرِّبْحِ إلَّا قَدْرَ مَا شُرِطَ لَهُ وَإِذَا انْتَفَى الشَّرِكَةُ فِي الرِّبْحِ لَا تَتَحَقَّقُ الْمُضَارَبَةُ لِأَنَّهَا جُوِّزَتْ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ بِالنَّصِّ بِطَرِيقِ الشَّرِكَةِ فِي الرِّبْحِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ (فَتَفْسُدُ بِشَرْطِ زِيَادَةِ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ لِأَحَدِهِمَا) فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْعَمَلِ مَجَّانًا وَلَا سَبِيلَ إلَى الْمُسَمَّى الْمَشْرُوطِ لِلْفَسَادِ فَيُصَارُ إلَى أَجْرِ الْمِثْلِ ضَرُورَةً وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ (كَذَا) أَيْ يُفْسِدُ الْمُضَارَبَةَ (كُلُّ شَرْطٍ يُوجِبُ جَهَالَةَ الرِّبْحِ) كَمَا لَوْ قَالَ لَك نِصْفُ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثُهُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ بِلَا زِيَادَةٍ عَلَى الْمَشْرُوطِ) هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فَمَشَى فِي وُجُوبِ الْأَجْرِ مُطْلَقًا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَلَمْ يَأْخُذْ بِقَوْلِهِ فِي مُجَاوَزَةِ الْمُسَمَّى بَلْ أَخَذَ فِيهِ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ حَيْثُ مَشَى عَلَى عَدَمِ مُجَاوَزَتِهِ الْمَشْرُوطَ وَلَمْ يَمْشِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بِعَدَمِ لُزُومِ الْأَجْرِ إذَا لَمْ يَرْبَحْ. اهـ.

[شُرُوط الْمُضَارَبَة]

(قَوْلُهُ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَرْضًا وَأَمَرَ بِبَيْعِهِ وَعَمِلَ مُضَارَبَةً فِي ثَمَنِهِ فَقِيلَ صَحَّ) كَذَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْعَرْضَ عَلَى أَنَّ قِيمَتَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَيَكُونُ ذَلِكَ رَأْسُ الْمَالِ فَهُوَ بَاطِلٌ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالرَّابِعُ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ مَعْلُومًا) لَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ عَرْضًا وَأَمَرَ بِبَيْعِهِ لِأَنَّ الثَّمَنَ الْمَجْعُولَ رَأْسُ الْمَالِ مَعْلُومٌ عِنْدَ الْقَبْضِ وَقَدْ أُضِيفَ إلَيْهِ فَلَا تَضُرُّ جَهَالَتُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ كَذَا أَيْ يُفْسِدُ الْمُضَارَبَةَ كُلُّ شَرْطٍ يُوجِبُ جَهَالَةَ الرِّبْحِ كَمَا لَوْ قَالَ لَكَ نِصْفُ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثِهِ أَوْ رُبُعِهِ. . . إلَخْ) لَا يُشْكِلُ بِمَا أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهَا كَوْنُ الرِّبْحِ مُشَاعًا وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ نِصْفُ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثُهُ مُشَاعٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ لَك نِصْفُ الرِّبْحِ أَوْ ثُلُثُهُ أَوْ رُبُعُهُ التَّرْدِيدُ فِي الرِّبْحِ وَهُوَ يُوجِبُ الْجَهَالَةَ وَالْمَسْأَلَةُ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ لِمُنْلَا مِسْكِينٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>