للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَكَانَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الْجَوَازِ مُؤَدِّيًا إلَى اعْتِبَارِ شُبْهَةِ الشُّبْهَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِهَا (وَصَحَّ فِي الْأَصَحِّ عَنْ) تَرِكَةٍ (مَجْهُولَةٍ فِي يَدِ الْبَقِيَّةِ) مِنْ الْوَرَثَةِ (غَيْرُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ) لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ لِقِيَامِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ فِي يَدِ الْبَقِيَّةِ مِنْ الْوَرَثَةِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ بَيْعٌ إذْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ عَيْنٌ وَمَعَ الْجَهَالَةِ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ

(كِتَابُ الْقَضَاءِ) أَوْرَدَهُ بَعْدَ الصُّلْحِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمَيْنِ صُلْحٌ (هُوَ) لُغَةً الْأَحْكَامُ وَشَرْعًا (إلْزَامٌ عَلَى الْغَيْرِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ نُكُولٍ) لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ فَصْلُ الْخُصُومَةِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِهِ (وَأَهْلُهُ أَهْلَ الشَّهَادَةِ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ بَابِ الْوِلَايَةِ لِأَنَّهُ تَنْفِيذُ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إلْزَامٌ إذْ الشَّهَادَةُ مُلْزَمَةٌ عَلَى الْقَاضِي وَالْقَضَاءُ مُلْزَمٌ عَلَى الْخَصْمِ فَمَا يُشْتَرَطُ لِأَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ يُشْتَرَطُ لِأَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ (وَشَرْطُ أَهْلِيَّتِهَا شَرْطُ أَهْلِيَّتِهِ) وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَةِ (وَالْفَاسِقُ أَهْلُهَا فَيَكُونُ أَهْلَهُ لَكِنَّهُ لَا يُقَلَّدُ) إذْ لَا يُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ لِقِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِوَاسِطَةِ فِسْقِهِ حَتَّى لَوْ قُلِّدَ كَانَ الْمُقَلِّدُ آثِمًا (كَمَا يَصِحُّ قَبُولُ شَهَادَتِهِ) لِوُجُودِ أَصْلِ الْأَهْلِيَّةِ (وَلَا تُقْبَلُ) لِمَا ذُكِرَ حَتَّى لَوْ قَبِلَ الْقَاضِي وَحَكَمَ بِهَا كَانَ آثِمًا لَكِنَّهُ يَنْفُذُ.

وَفِي الْفَتَاوَى الْقَاعِدِيَّةِ هَذَا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهُ وَهُوَ مِمَّا يُحْفَظُ (اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِ الْمِصْرِ شَرْطًا لِنَفَاذِهِ وَكَوْنِ الْقِسْمَةِ مِنْ أَعْمَالِهِ) الْمِصْرُ شَرْطٌ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخَذُوا بِرِوَايَةِ النَّوَادِرِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ وَلَوْ أَمَرَ رَجُلًا بِالْقِسْمَةِ فِي الرُّسْتَاقِ جَازَ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَعْمَالِ الْقَضَاءِ وَكَذَا إذَا خَرَجَ إلَى الْقُرَى وَنَصَبَ قَيِّمًا فِي أُمُورِ الصِّغَارِ أَوْ الْوَقْفِ أَوْ نِكَاحِ الصِّغَارِ كَذَا حَكَى فَتْوَى ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقَضَاءٍ وَلَا مِنْ أَعْمَالِ الْقَضَاءِ قَالَ فِي الْفَصْلِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ مِنْ شَهَادَاتِ الْمُحِيطِ إنَّ هَذَا مُشْكِلٌ عِنْدِي لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ بِوِلَايَةِ الْقَضَاءِ أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ بِذَلِكَ لَمْ يَمْلِكْ فَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْقَضَاءِ

(أَخَذَ الْقَضَاءَ بِرِشْوَةٍ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ) قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ الْقَاضِي إذَا أَخَذَ الْقَضَاءَ بِرِشْوَةٍ هَلْ يَصِيرُ قَاضِيًا اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ قَاضِيًا وَلَوْ قَضَى لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ (وَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَفَسَقَ بِأَخْذِهَا يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ) لِوُجُودِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ (وَقِيلَ يَنْعَزِلُ) لِأَنَّ الْمُقَلِّدَ اعْتَقَدَ عَدَالَتَهُ فَلَمْ يَرْضَ بِقَضَائِهِ بِدُونِهَا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

[كِتَابُ الْقَضَاءِ]

ِ) (قَوْلُهُ وَشَرْعًا إلْزَامُ الْغَيْرِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ) إطْلَاقُهُ فِي جَانِبِ الْإِقْرَارِ فِيهِ تَسَامُحٌ لِأَنَّهُ مَعَ الْإِقْرَارِ إعَانَةٌ لِلْمُدَّعِي لَا قَضَاءٌ لِأَنَّهُ كَمَا سَيَذْكُرُ فَصْلَ الْخُصُومَةِ وَلَا خُصُومَةَ مَعَ الْإِقْرَارِ لِأَنَّ إلْزَامَهُ لِنَفْسِهِ فَوْقَ إلْزَامِ الْقَاضِي فَلَا يَحْتَاجُ لِإِلْزَامِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِهِ) يَعْنِي الْقَضَاءَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْإِلْزَامِ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْقَضَاءُ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ وَبِهِ أُمِرَ كُلُّ نَبِيٍّ وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ نَصْبُ الْقَاضِي فَرْضٌ وَنَصْبُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَرْضٌ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْحَقِّ وَلَا عِبْرَةَ بِخِلَافِ بَعْضِ الْقَدَرِيَّةِ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ لِمَا ذَكَرَ) يَعْنِي مِنْ قِلَّةِ الْمُبَالَاةِ فَالنَّهْيُ لِلْإِيجَابِ يَعْنِي يَجِبُ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَتِهِ لَكِنْ لَوْ قَبِلَ صَحَّ الْحُكْمُ بِهِ وَكَانَ الْقَاضِي آثِمًا (قَوْلُهُ الْمِصْرِ) شَرْطٌ لِنَفَاذِ الْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ فِي الْإِمْلَاءِ أَنَّ الْمِصْرَ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَيَبْتَنِي عَلَى هَذَا مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّ كِتَابَ قَاضِي الرُّسْتَاقِ إلَى الْقَاضِي هَلْ يَصِحُّ فَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يَنْقُلُ وِلَايَةَ الْقَضَاءِ وَهُوَ لَيْسَ بِقَاضٍ وَعَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ يَصِحُّ وَقَدْ قِيلَ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَيْضًا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ وَالثَّانِيَةُ إذَا عَلِمَ الْقَاضِي فِي الرَّسَاتِيقِ بِحَادِثَةٍ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ بِذَلِكَ الْعِلْمِ فَعَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي عَلِمَ قَبْلَ تَقَلُّدِ الْقَضَاءِ اهـ كَذَا فِي الصُّغْرَى وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي كِتَابِ الدَّعْوَى أَنَّ الْمِصْرَ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْقَضَاءِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَطَرِيقَةُ أَنْ يَبْعَثَ وَاحِدًا مِنْ أَعْوَانِهِ حَتَّى يَسْمَعَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ وَيَقْضِي ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُمْضِي قَضَاءَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِنَا أَخَذُوا بِرِوَايَةِ النَّوَادِرِ) قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ كَثِيرٌ أَخَذُوا بِرِوَايَةِ النَّوَادِرِ أَنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِنُفُوذِ الْقَضَاءِ بِاعْتِبَارِ الْحَاجَةِ فَإِنَّهُ إذَا خَرَجَ الْقَاضِي إلَى الْمَحْدُودِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَسَمِعَ الدَّعْوَى ثَمَّةَ وَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ هُنَاكَ كَيْفَ لَا تَصِحُّ هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي كَذَا فِي الصُّغْرَى.

(تَنْبِيهٌ) : إذَا قَلَّدَ السُّلْطَانُ إنْسَانًا قَضَاءَ بَلْدَةٍ كَذَا لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْقُرَى مَا لَمْ يَكْتُبْ فِي رَسْمِهِ وَمَنْشُورِهِ الْبَلْدَةَ وَالسَّوَادَ فِي بَابِ الْقَاضِي يَقْضِي بِعِلْمِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا كَذَا فِي الصُّغْرَى اهـ.

وَبِهِ جَزَمَ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ

[أَخَذَ الْقَضَاءَ بِرِشْوَةِ]

(قَوْلُهُ أَخَذَ الْقَضَاءَ بِالرِّشْوَةِ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَا يَصِيرُ قَاضِيًا كَمَا ذَكَرَهُ شَرْحًا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا فَفَسَقَ بِأَخْذِهَا يَسْتَحِقُّ الْعَزْلَ) يَعْنِي وَجَبَ عَلَى السُّلْطَانِ عَزْلُهُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَنْعَزِلُ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْفِسْقِ وَاخْتَارَهُ الْكَرْخِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ وَعَلِيٌّ الرَّازِيّ صَاحِبُ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ اخْتِيَارٌ حَسَنٌ لِعَدَمِ ائْتِمَانِ النَّاسِ عَلَى حُقُوقِ النَّاسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>