للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الزَّيْتُونِ وَالسِّمْسِمِ) لِيَكُونَ الدُّهْنُ بِمِثْلِهِ وَالزِّيَادَةُ بِالثَّجِيرِ وَلَا يَلْزَمُ الرِّبَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَ مِقْدَارُ مَا فِيهِ لَمْ يَجُزْ لِاحْتِمَالِ الرِّبَا، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الشُّبْهَةَ فِيهِ كَالْحَقِيقَةِ.

(وَيُسْتَقْرَضُ الْخُبْزُ بِوَزْنٍ لَا عَدَدٍ) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ آحَادَهُ مُتَفَاوِتَةٌ بِالْعَدَدِ دُونَ الْوَزْنِ (وَبِهِ يُفْتَى) ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ (وَ) يُسْتَقْرَضُ (الْفُلُوسُ بِهِمَا) أَيْ بِالْوَزْنِ وَالْعَدَدِ بِالْعُرْفِ (إذْ لَا نَصَّ) فِيهَا (وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ) تُسْتَقْرَضُ (بِالْوَزْنِ فَقَطْ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْمَوْزُونَاتِ بِالنَّصِّ (كَذَا مَا ثُلُثَاهُ خَالِصٌ) ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلْغَالِبِ (وَمَا ثُلُثُهُ خَالِصٌ) يُسْتَقْرَضُ (بِعَدَدٍ إنْ تَعَامَلُوا بِهِ وَبِوَزْنٍ إنْ تَعَامَلُوا بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ فَيُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ كَمَا مَرَّ (وَلَا يُسْتَقْرَضُ الْقِيَمِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْمِثْلِيِّ وَهُوَ كُلُّ شَيْءٍ يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ نَحْوُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالسِّمْسِمِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَفِي التَّجْرِيدِ وَيَجُوزُ فِي الْعَدَدِيَّاتِ الَّتِي لَا تَتَفَاوَتُ تَفَاوُتًا فَاحِشًا كَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ.

وَفِي الْكَافِي؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ إعَارَةُ شَرْعٍ لِإِطْلَاقِ الِانْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ إلَّا بِاسْتِهْلَاكِ أَعْيَانِهَا وَكَانَتْ الْمَنْفَعَةُ عَائِدَةً إلَى ذَاتِهَا فَقَامَ الْمِثْلُ فِي الذِّمَّةِ مَقَامَ الْعَيْنِ كَأَنَّهُ انْتَفَعَ بِالْعَيْنِ وَرَدَّهُ وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ لِيُمْكِنَ إيجَابُ الْمِثْلِ فِي الذِّمَّةِ لَا فِي الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ إذْ لَا مِثْلَ لَهُمَا.

(وَلَا رِبَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ مَأْذُونًا غَيْرَ مَدْيُونٍ) لِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَا فِي يَدِهِ حِينَئِذٍ يَكُونُ مِلْكَ مَوْلَاهُ فَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا بَيْعٌ لِيَتَحَقَّقَ الرِّبَا حَتَّى إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَتَحَقَّقُ الرِّبَا لِتَحَقُّقِ الْبَيْعِ.

. (وَ) لَا رِبَا (بَيْنَ مُسْلِمٍ وَحَرْبِيٍّ ثَمَّةَ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا رِبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ» وَكَذَا إذَا تَبَايَعَا فِيهَا بَيْعًا فَاسِدًا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فَإِنَّ مَالَهُمْ مُبَاحٌ وَبِعَقْدِ الْأَمَانِ لَمْ يَصِرْ مَعْصُومًا لَكِنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ لَا يَغْدِرَهُمْ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ بِلَا رِضَاهُمْ، فَإِذَا أَخَذَهُ بِرِضَاهُمْ أَخَذَ مَالًا مُبَاحًا بِلَا غَدْرٍ (أَوْ مِنْ أَمْنٍ ثَمَّةَ) فَإِنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا أَسْلَمَ ثَمَّةَ لَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُسْلِمٍ مُسْتَأْمَنٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ رِبًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ مَالَ مَنْ أَسْلَمَ ثَمَّةَ لَا عِصْمَةَ لَهُ فَصَارَ كَمَالِ الْحَرْبِيِّ وَيَجُوزُ أَخْذُ مَالِ الْحَرْبِيِّ بِرِضَاهُ لِلْمُسْلِمِ الْمُسْتَأْمَنِ وَقَالَا: إنَّهُ رِبًا جَرَى بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ وَهُوَ حَرَامٌ، كَذَا فِي الْكَافِي

(بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ)

لَمْ يَذْكُرْ الْحُقُوقَ كَمَا ذَكَرَ فِي سَائِرِ الْمُتُونِ؛ لِأَنَّهَا ذُكِرَتْ فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ (هُوَ نَوْعَانِ) أَحَدُهُمَا (مُبْطِلٌ لِلْمِلْكِ) أَيْ مُزِيلٌ لَهُ بِالْكُلِّيَّةِ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى لِأَحَدٍ عَلَيْهِ حَقُّ التَّمَلُّكِ (كَالْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالْعِتْقِ وَفُرُوعِهِ) كَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالِاسْتِيلَادِ.

(وَ) ثَانِيهِمَا (نَاقِلٌ لَهُ) أَيْ لِلْمِلْكِ مِنْ شَخْصٍ إلَى شَخْصٍ (كَالِاسْتِحْقَاقِ بِالْمِلْكِ) بِأَنْ ادَّعَى زَيْدٌ عَلَى بَكْرٍ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِنْ الْعَبْدِ مِلْكٌ لَهُ وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ وَالنَّوْعَانِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا فِي أَنَّهُمَا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

الدُّهْنُ الْمُفْرَزُ وَالسَّمْنُ وَالدِّبْسُ أَكْثَرَ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الْجَوْزِ وَاللَّبَنِ وَالتَّمْرِ جَازَ، وَقَدْ عَلِمْت تَقْيِيدَهُ بِمَا إذَا كَانَ الثُّفْلُ لَهُ قِيمَةٌ وَأَظُنُّ أَنْ لَا قِيمَةَ لِثُفْلِ الْجَوْزِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِيعَ بِقِشْرَةٍ فَيُوقِدُ وَكَذَا الْعِنَبُ لَا قِيمَةَ لِثُفْلِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ زِيَادَةُ الْعَصِيرِ عَلَى مَا يَخْرُجُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالزِّيَادَةُ بِالثَّجِيرِ وَلَا يَلْزَمُ الرِّبَا) أَيْ لَا يَلْزَمُ حَالَ وُجُودِ كَثْرَةِ الْخَالِصِ عَلَى مَا يَخْرُجُ وَإِلَّا لَزِمَ.

(قَوْلُهُ: وَبِهِ أَيْ بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يُفْتَى) لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِبَيَانِ قَوْلِ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ الْكَمَالُ جَعَلَ الْمُتَأَخِّرُونَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَأَنَا أَرَى أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ أَحْسَنُ فَإِنَّ مُحَمَّدًا يَقُولُ قَدْ أَهْدَرَ الْجِيرَانُ تَفَاوُتَهُ وَبَيْنَهُمْ يَكُونُ اقْتِرَاضُهُ غَالِيًا وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ بِالتَّعَامُلِ فَجَازَ اقْتِرَاضُهُ وَزْنًا وَعَدَدًا اهـ.

(قُلْت) بَحْثُ الْكَمَالِ نَصٌّ فَهُوَ مُؤَيِّدٌ بِهِ قَالَ شَارِحُ الْمَجْمَعِ جَوَّزَ مُحَمَّدٌ اسْتِقْرَاضَهُ وَزْنًا وَعَدًّا لِتَعَارُفِ النَّاسِ عَلَى إهْدَارِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ آحَادِهِ كَمَا أَهْدَرُوا مَا بَيْنَ الْجَوْزَتَيْنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.

وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: لَا خَيْرَ فِي اسْتِقْرَاضِ الْخُبْزِ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا؛ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ بِالْخَبْزِ وَالْخَبَّازِ وَالتَّنُّورِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ جَدِيدًا أَوْ عَتِيقًا وَالتَّقْدِيمُ فِي التَّنُّورِ وَالتَّأْخِيرُ عَنْهُ وَيَتَفَاوَتُ جُودَةُ خُبْزِهِ بِذَلِكَ (حَتَّى إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَتَحَقَّقُ الرِّبَا) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْكَمَالُ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ الرِّبَا بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا وَلَكِنْ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَهُ عَلَى الْعَبْدِ لِأَنَّ كَسْبَهُ مَشْغُولٌ بِحَقِّ غُرَمَائِهِ فَلَا يُسْلِمْ لَهُ مَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ دَيْنِهِ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ لَا بِجِهَةِ الْبَيْعِ سَوَاءٌ كَانَ اشْتَرَى مِنْهُ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ لَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْحُرِّ يَدًا وَتَصَرَّفَا فِي كَسْبِهِ فَيَجْرِي الرِّبَا بَيْنَهُمَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا تَبَايَعَا فَاسِدًا) قَالَ الْكَمَالُ وَكَذَا إذَا بَاعَ مِنْهُمْ مَيْتَةً أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ قَامَرَهُمْ وَأَخَذَ الْمَالَ يَحِلُّ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَالَ مَنْ أَسْلَمَ ثَمَّةَ لَا عِصْمَةَ لَهُ) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالْعِصْمَةِ التَّقَوُّمَ أَيْ لَا تَقَوُّمَ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ لِمَا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ مُعَلِّلًا لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ، وَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةً فَالتَّقَوُّمُ لَيْسَ بِثَابِتٍ عِنْدَهُ حَتَّى لَا يَضْمَنَ بِالْإِتْلَافِ وَعِنْدَهُمَا نَفْسُهُ وَمَالُهُ مَعْصُومَانِ مُتَقَوِّمَانِ اهـ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ.]

[أَنْوَاع الِاسْتِحْقَاق]

(بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ) .

(قَوْلُهُ: لَمْ يَذْكُرْ الْحُقُوقَ) أَيْ فِي هَذَا الْمَحَلِّ كَمَا ذُكِرَتْ فِيهِ فِي سَائِرِ الْمُتُونِ لِأَنَّهُ أَيْ الْمُصَنِّفَ قَدَّمَهَا فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ لِمُنَاسَبَتِهَا (قَوْلُهُ هُوَ نَوْعَانِ) ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ عَنْ الزِّيَادَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>