للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِمَامِ بِخِلَافِ مَنْ فِي جَانِبٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ حُكْمًا فَلَا يَضُرُّ الْقُرْبُ إلَيْهَا (اقْتَدُوا مِنْ خَارِجٍ بِإِمَامٍ فِيهَا وَالْبَابُ مَفْتُوحٌ جَازَ) اقْتِدَاؤُهُمْ؛ لِأَنَّ وُقُوفَ الْإِمَامِ فِيهَا وَبَابُهَا مَفْتُوحٌ كَوُقُوفِهِ فِي الْمِحْرَابِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ.

(وَكُرِهَتْ) الصَّلَاةُ (فَوْقَهَا) ، وَإِنْ جَازَتْ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي تَعْظِيمَهَا.

[بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ وَالشَّكِّ]

[حُكْم سُجُود السَّهْو]

(بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ وَالشَّكِّ) (يَجِبُ) أَيْ سُجُودُ السَّهْوِ، وَقِيلَ يُسَنُّ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ (بَعْدَ تَسْلِيمَتَيْنِ) اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَالْإِمَامُ أَبُو الْيُسْرِ وَالْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ (أَوْ تَسْلِيمَةٍ) اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَصَاحِبُ الْإِيضَاحِ قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ يُسَلِّمُ بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ كِبَارِ الصَّحَابَةِ كَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَالْأَخْذُ بِرِوَايَةِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ كَانُوا قَرِيبًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْ عَائِشَةَ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَعَائِشَةُ كَانَتْ فِي صَفِّ النِّسَاءِ وَسَهْلٌ كَانَ فِي صَفِّ الصِّبْيَانِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا لَمْ يَسْمَعَا التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُسَلِّمُ الثَّانِيَةَ أَخْفَضَ مِنْ الْأُولَى هَذَا هُوَ الْمَسْطُورُ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ وَسَوْقُ كَلَامِ الْفَرِيقَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَيْنِ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ.

وَفِي الْمَجْمَعِ نَسَبَ الثَّانِي إلَى مُحَمَّدٍ وَالْأَوَّلَ إلَيْهِمَا وَمَا وَجَدْتُهُ فِي كِتَابِ الْإِمَامِ نَقَلَهُ صَاحِبُ مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ بِقِيلَ وَعَلَى كَوْنِهِمَا قَوْلَهُ يُنَاسِبُ مَا قِيلَ الْمُخْتَارُ لِلْمُنْفَرِدِ تَسْلِيمَتَانِ وَلِلْإِمَامِ تَسْلِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ ثِنْتَيْنِ رُبَّمَا يَشْتَغِلُ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ بِمَا يُنَافِي

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَقْرَبَ إلَيْهَا مِنْ الْإِمَامِ فَلَا خَفَاءَ فِي صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ، وَقَدْ تَوَهَّمَ عَدَمَ صِحَّتِهَا بَعْضُ مَنْ يَعِظُ بِالْحَرَمِ الشَّرِيفِ حَتَّى مَنَعَ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي جَانِبَيْ الْحِجْرِ وَرَأَيْتُهُ وَكُنْتُ طَائِفًا سَنَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ بَعْدَ الْأَلْفِ مُحْرِمًا كَآحَادِ النَّاسِ الْفُقَرَاءِ وَهُوَ يُنَازِعُ الْإِمَامَ الْحَنَفِيَّ بِالْحِجْرِ فَالْإِمَامُ يَقُولُ لَهُ صَلَاةَ مُحَاذِي الرُّكْنِ صَحِيحَةٌ لِكَوْنِهِ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْإِمَامِ فَهُوَ فِي حُكْمِ مَنْ بِجِهَتِهِ وَذَلِكَ الْوَاعِظُ يَقُولُ لَا تَصِحُّ صَلَاةُ مَنْ يُحَاذِي الرُّكْنَ إلَى آخِرِ الْمَسْجِدِ فَلَمَّا أَسْعَفْتُ الْإِمَامَ بِمَا قَدَّمْنَاهُ صَارَ الْوَاعِظُ يُصْعِدُ النَّظَرَ نَحْوِي كَالْمُسْتَهْزِئِ بِزِيِّ وَطَالَ الْمَجَالُ وَزَالَ الْمُحَالُ

، وَقَدْ كَانَ مَنَعَ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ مُدَّةً ثُمَّ مَرَرْتُ وَقْتَ الظُّهْرِ وَإِذَا الصَّفُّ مُلْتَئِمٌ وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ خَلْفَ الْإِمَامِ كَمَا كَانَ قَبْلَ مَنْعِ الْوَاعِظِ فَقَالَ لِي الْإِمَامُ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا هَذَا فِي صَحِيفَتِكَ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى إظْهَارِ شَرِيعَتِهِ.

[الصَّلَاة فَوْق الْكَعْبَة]

(بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ)

إضَافَتُهُ إلَى السَّبَبِ وَهِيَ الْأَصْلُ إذْ هِيَ لِلِاخْتِصَاصِ وَأَقْوَاهُ اتِّصَالُ الْمُسَبَّبِ بِالسَّبَبِ وَالسَّهْوُ الْغَفْلَةُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ فَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النِّسْيَانِ بِأَنَّ النَّاسِيَ إذَا ذَكَّرْتَهُ تَذَكَّرَ وَالسَّاهِي بِخِلَافِهِ.

وَقَالَ الْحَدَّادِيُّ النِّسْيَانُ غُرُوبُ الشَّيْءِ عَنْ النَّفْسِ بَعْدَ حُضُورٍ وَالسَّهْوُ قَدْ يَكُونُ عَمَّا كَانَ الْإِنْسَانُ عَالِمًا بِهِ وَعَمَّا لَا يَكُونُ عَالِمًا بِهِ، كَذَا فِي شَرْحِ نَظْمِ الْكَنْزِ لِلْمَقْدِسِيِّ وَلَكِنَّ الْفُقَهَاءَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَالشَّكِّ) ، كَذَا هُوَ ثَابِتٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَيَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى الْمُضَافِ وَالتَّقْدِيرُ هَذَا بَابٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ سُجُودِ السَّهْوِ وَأَحْكَامِ الشَّكِّ وَلَا تُفَرِّقُ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ السَّهْوِ وَالشَّكِّ فِي الْحُكْمِ وَالْأُدَبَاءُ عَرَّفُوا الشَّكَّ بِأَنَّهُ تَسَاوِي أَمْرَيْنِ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَالظَّنُّ تَسَاوِيهِمَا وَجِهَةُ الصَّوَابِ أَرْجَحُ وَالْوَهْمُ تَسَاوِيهِمَا وَجِهَةُ الْخَطَإِ أَرْجَحُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ يُسَنُّ) قَائِلُهُ الْقُدُورِيُّ، وَذَكَرَ أَنَّهُ سُنَّةٌ عِنْدَ عَامَّةِ أَصْحَابِنَا.

(قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ) أَيْ أَنَّهُ يَجِبُ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَقَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ الْقُدُورِيِّ اهـ.

وَنَصَّ مُحَمَّدٌ عَلَى وُجُوبِهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ تَسْلِيمَتَيْنِ) بَيَانٌ لِمَحَلِّهِ الْمَسْنُونِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ قَبْلَ السَّلَامِ، وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُ الْمَذْهَبَيْنِ قَوْلًا وَفِعْلًا وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ وَلَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ قَبْلَ السَّلَامِ وَبَعْدَهُ اهـ قُلْت لَكِنْ يُكْرَهُ قَبْلَهُ تَنْزِيهًا ذَكَرَهُ الْمَقْدِسِيُّ.

(قَوْلُهُ أَوْ تَسْلِيمَةٍ) اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الشَّيْخُ الْمَقْدِسِيُّ فِي شَرْحِهِ كَالنُّقَايَةِ تَبَعًا لِلْأَكْثَرِ وَأَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ فَشَمِلَ الْإِمَامَ وَالْمُنْفَرِدَ وَاخْتَلَفَ فِي جِهَةِ التَّسْلِيمَةِ فَقِيلَ يُسَلِّمُ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهَا هَيْئَةُ التَّسْلِيمِ الْمَسْنُونُ ذَكَرَهُ تَاجُ الشَّرِيعَةِ.

(قَوْلُهُ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ) أَقُولُ بَلْ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَيْ خُوَاهَرْ زَادَهْ لَوْ سَلَّمَ تَسْلِيمَتَيْنِ لَا يَأْتِي بِسُجُودِ السَّهْوِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَالْكَلَامِ.

وَفِي الْخَبَّازِيَّةِ الْأَحْوَطُ قَبْلَ السَّلَامِ الثَّانِي.

وَفِي الْمُجْتَبَى وَهُوَ الْأَصَحُّ.

وَفِي الْمُحِيطِ عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ يَكْتَفِي بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ الْأَضْمَنُ لِلِاحْتِيَاطِ ذَكَرَهُ الْكَاكِيُّ.

وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ تَصْحِيحُ الْمُجْتَبَى أَنَّهُ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ وَبِهِ يَحْصُلُ التَّحْلِيلُ فَلَا حَاجَةَ إلَى غَيْرِهِ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>