للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي لَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ لِتَفَاوُتِ أَحْوَالِ النَّاسِ (وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْ) الشَّفِيعُ الْآنَ (وَسَكَتَ عَنْ طَلَبِهَا) وَصَبَرَ لِيَطْلُبَهَا عِنْدَ الْأَجَلِ (بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ قَدْ يَثْبُتُ وَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ الْآنَ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَالسُّكُوتُ عَنْ الطَّلَبِ بَعْدَ ثُبُوتِ حَقِّهِ يُبْطِلُ الشُّفْعَةَ -

(وَفِي شِرَاءِ ذِمِّيٍّ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ) يَأْخُذُ الشَّفِيعُ (بِمِثْلِ الْخَمْرِ وَقِيمَةِ الْخِنْزِيرِ وَلَوْ) كَانَ الشَّفِيعُ (ذِمِّيًّا أَوْ قِيمَتَهُمَا لَوْ) كَانَ الشَّفِيعُ (مُسْلِمًا وَفِي بِنَاءِ الْمُشْتَرِي) فِي الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ (وَغَرْسِهِ بِالثَّمَنِ وَقِيمَتِهِمَا) حَالَ كَوْنِهِمَا (مُسْتَحَقِّي الْقَلْعِ أَوْ كُلِّفَ الْمُشْتَرِي قَلْعُهُمَا) يَعْنِي إذَا بَنَى الْمُشْتَرِي أَوْ غَرَسَ ثُمَّ قُضِيَ لِلشَّفِيعِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ، وَإِنْ شَاءَ كُلِّفَ الْمُشْتَرِي قَلْعُهُمَا كَمَا فِي الْغَصْبِ (وَإِنْ قَلَعَهُمَا) أَيْ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ (الشَّفِيعُ فَاسْتُحِقَّتْ رَجَعَ بِالثَّمَنِ فَقَطْ) وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِمَا عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ مِنْ قِبَلِهِ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ جَبْرًا -

(وَإِنْ خَرِبَتْ الدَّارُ أَوْ احْتَرَقَ بِنَاؤُهَا أَوْ جَفَّ شَجَرُ الْبُسْتَانِ) بِلَا فِعْلِ أَحَدٍ فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ (إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِتَمَامِ الثَّمَنِ) ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ تَابِعٌ حَتَّى دَخَلَا فِي الْبَيْعِ بِلَا ذِكْرٍ فَلَا يُقَابِلُهُمَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ كَمَا مَرَّ (أَوْ تَرَكَ) ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ تَمَلُّكِ الدَّارِ بِمَالِهِ (وَبِحِصَّةِ الْعَرْصَةِ) عَطْفٌ عَلَى بِتَمَامِ الثَّمَنِ -

(إنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ) يَعْنِي إنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ قِيلَ لِلشَّفِيعِ إنْ شِئْتَ فَخُذْ الْعَرْصَةَ بِحِصَّتِهَا، وَإِنْ شِئْتَ فَدَعْ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ فَيُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْهَلَاكَ فِيهِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ (وَالنَّقْضُ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي لَا لِلشَّفِيعِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُنْفَصِلًا فَلَمْ يَبْقَ تَبَعًا حَتَّى يَكُونَ لِلشَّفِيعِ

(وَفِي شِرَاءِ أَرْضِ نَخْلٍ عَلَيْهَا ثَمَرٌ) يَعْنِي إذَا شَرَى أَرْضًا بِنَخْلٍ عَلَيْهَا ثَمَرٌ وَذَكَرَ ثَمَرَ النَّخْلِ إذْ لَا يَدْخُلُ بِدُونِ الذِّكْرِ (أَوْ شَرَاهَا وَلَمْ يَكُنْ) عَلَى النَّخْلِ (ثَمَرٌ وَأَثْمَرَتْ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (يَأْخُذُهَا) أَيْ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ (وَالثَّمَرَ بِكُلِّ الثَّمَنِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْفَصْلَيْنِ أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الِاتِّصَالِ كَانَ تَبَعًا لِلْعَقَارِ كَالْبِنَاءِ فِي الدَّارِ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّهُ مَبِيعٌ تَبَعًا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ سَرَى إلَيْهِ كَمَا إذَا اشْتَرَى حَامِلًا فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ كَانَ مِلْكُهُ تَبَعًا (وَإِذَا جَذَّهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ لَا يَأْخُذُ الثَّمَرَ فِيهِمَا) لِانْعِدَامِ تَبَعِيَّتِهِ لِلْعَقَارِ وَقْتَ الْأَخْذِ بِالِانْفِصَالِ (لَكِنْ فِي الْأَوَّلِ) وَهُوَ مَا إذَا اشْتَرَى أَرْضًا بِنَخْلٍ عَلَيْهَا ثَمَرٌ (ثُمَّ سَقَطَ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ) ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ قَصْدًا وَكَانَ لَهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ فَيُفَوِّتُ قِسْطَهُ بِفَوَاتِهِ (لَا الثَّانِي) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ لِحُدُوثِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَلَا الْقَبْضُ الَّذِي لَهُ شَبَهٌ بِالْعَقْدِ فَفَوَاتُهُ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ

(مَا تَكُونُ هِيَ) أَيْ الشُّفْعَةُ (فِيهِ أَوْ لَا) تَكُونُ (وَمَا يُبْطِلُهَا لَا تَثْبُتُ قَصْدًا إلَّا فِي

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْ الشَّفِيعُ الْآنَ وَسَكَتَ عَنْ طَلَبِهَا وَصَبَرَ لِيَطْلُبَهَا عِنْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ) غَيْرُ صَحِيحٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا طَلَبُ تَمَلُّكٍ وَلَا تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ بِتَأْخِيرِهِ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ لَا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَدِّرْ لَهُ مُدَّةً وَلَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِتَقْدِيرِهِ بِشَهْرٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ قَدْ ثَبَتَ) لَا يَصِحُّ تَعْلِيلًا لِقَوْلِهِ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ بَلْ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَيَأْخُذُ بَعْدَ الْأَجَلِ فَكَانَ حَقُّهُ ذِكْرَهُ ثَمَّةَ (قَوْلُهُ: وَالسُّكُوتُ عَنْ الطَّلَبِ بَعْدَ ثُبُوتِ حَقِّهِ يُبْطِلُ الشُّفْعَةَ) قَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَعَهُمَا أَيْ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ الشَّفِيعُ) أَقُولُ الصَّوَابُ فِعْلُهُمَا بِالْفَاءِ فَالْعَيْنِ فَاللَّامِ لِمَكَانِ قَوْلِهِ فَاسْتُحِقَّتْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَلْعُهُ مُقَدَّمًا عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ كَانَ إتْلَافًا مِنْهُ لَا بِأَمْرِ أَحَدٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا بَنَى أَوْ غَرَسَ فَأَمَرَهُ الْمُسْتَحِقُّ بِقَلْعِهِ لَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِمَا وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهَا عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الدَّارَ كَالْمُشْتَرِي الْمَغْرُورِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَقَالَا: إنَّهُ مُتَمَلِّكٌ جَبْرًا بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي، فَإِنَّهُ مُسَلَّطٌ مِنْ جِهَةِ بَائِعِهِ وَالشَّفِيعُ غَيْرُ مَغْرُورٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرِبَتْ الدَّارُ. . . إلَخْ) هَذَا إذَا لَمْ يَبْقَ لِلْبِنَاءِ نَقْضٌ وَلَا مِنْ الشَّجَرِ شَيْءٌ مِنْ حَطَبٍ أَوْ خَشَبٍ، وَأَمَّا إذَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَأَخَذَهُ الْمُشْتَرِي لِانْفِصَالِهِ مِنْ الْأَرْضِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ تَبَعًا لِلْأَرْضِ فَلَا بُدَّ مِنْ سُقُوطِ بَعْضِ الثَّمَنِ بِحِصَّةِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالٍ قَائِمٍ بَقِيَ مُحْتَسَبًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ لَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ فَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الدَّارِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَعَلَى قِيمَةِ النَّقْضِ يَوْمَ الْأَخْذِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ (قَوْلُهُ: وَبِحِصَّةِ الْعَرْصَةِ إنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ) أَقُولُ فَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ يَوْمَ الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا انْهَدَمَ الْبِنَاءُ بِنَفْسِهِ وَكَانَ النَّقْضُ بَاقِيًا حَيْثُ يُعْتَبَرُ فِيهَا قِيمَةُ النَّقْضِ يَوْمَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ

(قَوْلُهُ: وَذَكَرَ ثَمَرَ النَّخْلِ) أَقُولُ لَوْلَا ذَكَرَهُ شَرْحًا لَمْ يُعْلَمْ مِنْ الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا جَذَّهُ الْمُشْتَرِي. . . إلَخْ) .

أَقُولُ وَكَذَا يَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ لَوْ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

[بَابٌ مَا تَكُونُ فِيهِ الشُّفْعَةُ]

(بَابُ مَا تَكُونُ الشُّفْعَةُ فِيهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>