للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْيَمِينِ لَا الشَّرْطُ) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِالْيَمِينِ وَقَالَا إنَّهُ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهِيَ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا وَشَهِدَ آخَرَانِ بِوُجُودِ الشَّرْطِ أَيْ دُخُولِ الدَّارِ وَرَجَعَ الْفَرِيقَانِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَالضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الْيَمِينِ لَا شُهُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَنِصْفُ الْمَهْرِ لِأَنَّهُمْ شُهُودُ الْعِلَّةِ إذْ التَّلَفُ إنَّمَا حَصَلَ بِالْإِعْتَاقِ وَالتَّطْلِيقِ وَهُمْ الَّذِينَ أَثْبَتُوا تِلْكَ الْكَلِمَةَ وَالتَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ كَانَ مَانِعًا فَعِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ أُضِيفَ التَّلَفُ إلَى عِلَّتِهِ لَا زَوَالِ الْمَانِعِ

(كِتَابُ الصُّلْحِ) أَوْرَدَهُ هَاهُنَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقْرَارٌ وَلَا لِلْمُدَّعِي شَاهِدٌ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يُورَدَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ (هُوَ) لُغَةً اسْمٌ بِمَعْنَى الْمُصَالَحَةِ وَهِيَ خِلَافُ الْمُخَاصَمَةِ وَأَصْلُهُ مِنْ الصَّلَاحِ بِمَعْنَى اسْتِقَامَةِ الْحَالِ وَشَرْعًا (عَقْدٌ يَرْفَعُ النِّزَاعَ وَرُكْنُهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ) بِأَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَالَحْتُكَ مِنْ كَذَا عَلَى كَذَا أَوْ مِنْ دَعْوَاكَ كَذَا عَلَى كَذَا وَيَقُولَ الْآخَرُ قَبِلْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ وَقَبُولِهِ

(وَشَرْطُهُ الْعَقْلُ) وَهُوَ شَرْطٌ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا يَصِحُّ صُلْحُ الْمَجْنُونِ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ (لَا الْبُلُوغُ فَصَحَّ مِنْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ إنْ نَفَعَ أَوْ عَرِيَ عَنْ ضَرَرٍ بَيِّنٍ) يَعْنِي إذَا ادَّعَى الصَّبِيُّ الْمَأْذُونُ عَلَى إنْسَانٍ دَيْنًا فَصَالَحَهُ عَلَى بَعْضِ حَقِّهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ جَازَ الصُّلْحُ إذْ عِنْدَ انْعِدَامِهَا لَا حَقَّ لَهُ إلَّا الْخُصُومَةُ وَالْحَلِفُ وَالْمَالُ أَنْفَعُ لَهُ مِنْهُمَا وَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَجُزْ لِأَنَّ الْحَطَّ تَبَرُّعٌ وَهُوَ لَا يَمْلِكُهُ وَإِنْ أَخَّرَ الدَّيْنَ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ لَا لِأَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ التِّجَارَةِ وَالصَّبِيَّ الْمَأْذُونَ فِي التِّجَارَاتِ كَالْبَالِغِ (وَلَا الْحُرِّيَّةُ) يَعْنِي أَنَّ حُرِّيَّةَ الْمُصَالِحِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ أَيْضًا (فَصَحَّ) أَيْ الصُّلْحُ (مِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ) إذَا كَانَتْ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَكِنَّهُ لَا يَمْلِكُ الصُّلْحَ عَلَى حَطِّ بَعْضِ الْحَقِّ إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ وَيَمْلِكُ التَّأْجِيلَ مُطْلَقًا وَحَطَّ بَعْضِ الثَّمَنِ لِلْعَيْبِ لِمَا ذُكِرَ وَلَوْ صَالَحَهُ الْبَائِعُ عَلَى حَطِّ بَعْضِ الثَّمَنِ جَازَ لِمَا ذُكِرَ فِي الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ.

(وَ) مِنْ (الْمُكَاتَبِ) فَإِنَّهُ نَظِيرُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَيْهِ دَيْنًا فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَهُ وَيُؤَخِّرَ بَعْضَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَمَّا عَجَزَ صَارَ مَحْجُورًا فَلَا يَصِحُّ صُلْحُهُ (وَشَرْطُهُ) أَيْضًا (أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقًّا لِلْمُصَالِحِ ثَابِتًا فِي الْمَحَلِّ لَا حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى) فَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقًّا لِلْمُصَالِحِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ ادَّعَتْ مُطَلَّقَةٌ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّ صَبِيًّا فِي يَدِهِ ابْنُهَا مِنْهُ وَجَحَدَ فَصَالَحَتْ مِنْ النَّسَبِ عَلَى شَيْءٍ بَطَلَ) لِأَنَّ النَّسَبَ حَقُّ الصَّبِيِّ لَا حَقُّهَا فَلَا تَمْلِكُ الِاعْتِيَاضَ عَنْ حَقِّ غَيْرِهَا وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ ثَابِتًا فِي الْمَحَلِّ بِقَوْلِهِ (لَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ يُبْرِئَهُ مِنْ الْكَفَالَةِ بَطَلَ) لِأَنَّ الثَّابِتَ لِلطَّالِبِ قَبْلَ الْكَفِيلِ بِالنَّفْسِ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِتَسْلِيمِ نَفْسِ الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ وَذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ وِلَايَةِ الْمُطَالَبَةِ وَأَنَّهَا صِفَةُ الْوَالِي فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهَا بِخِلَافِ الصُّلْحِ عَنْ الْقِصَاصِ لِأَنَّ الْمَحَلَّ هُنَاكَ يَصِيرُ مَمْلُوكًا فِي حَقِّ الِاسْتِيفَاءِ فَكَانَ الْحَقُّ ثَابِتًا فِي الْمَحَلِّ فَيَمْلِكُ الِاعْتِيَاضَ عَنْهُ بِالصُّلْحِ (كَذَا الصُّلْحُ مِنْ الشُّفْعَةِ) يَعْنِي إذَا صَالَحَ الشَّفِيعُ مِنْ الشُّفْعَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ عَلَى شَيْءٍ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الدَّارَ لِلْمُشْتَرِي فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

فَالْعِلَّةُ هُنَاكَ ثِقَلُ الْمَاشِي وَذَلِكَ لَيْسَ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْإِتْلَافِ فِي شَيْءٍ فَلِهَذَا يُجْعَلُ الْإِتْلَافُ مُضَافًا إلَى الشَّرْطِ وَهُوَ إزَالَةُ الْمَسْكَةِ بِحَفْرِ الْبِئْرِ فِي الطَّرِيقِ. اهـ.

[كِتَابُ الصُّلْحِ]

[أَرْكَان الصُّلْح]

(كِتَابُ الصُّلْحِ) (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقْرَارٌ وَلَا لِلْمُدَّعِي شَاهِدٌ) غَيْرُ مُسَلَّمٍ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ مَعَ الْإِقْرَارِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِقْرَارَ أَقْوَى مِنْ الشَّهَادَةِ فَيُصَارُ إلَيْهِ وَلَوْ مَعَ الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ وَرُكْنُهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ) قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ عَنْ النِّهَايَةِ رُكْنُهُ الْإِيجَابُ مُطْلَقًا وَالْقَبُولُ فِيمَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَأَمَّا إذَا وَقَّعَ الدَّعْوَى فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَطَلَبَ الصُّلْحَ عَلَى ذَلِكَ الْجِنْسِ فَقَدْ تَمَّ الصُّلْحُ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَبُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِبَعْضِ الْحَقِّ وَهُوَ يَتِمُّ بِالْمُسْقِطِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ طَلَبَ الْبَيْعَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَبُولِ

[شُرُوط الصُّلْح]

(قَوْلُهُ وَلَوْ صَالَحَ الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ. . . إلَخْ) كَذَا حَكَى الزَّيْلَعِيُّ خِلَافًا فِي سُقُوطِ الْكَفَالَةِ.

وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ إذَا لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ عَنْهَا هَلْ تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الشُّفْعَةِ وَالْحَوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَرِوَايَةِ صُلْحِ أَبِي حَفْصٍ تَبْطُلُ وَبِهِ يُفْتِي وَفِي صُلْحِ رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ لَا تَبْطُلُ اهـ.

(قَوْلُهُ كَذَا الصُّلْحُ مِنْ الشُّفْعَةِ) تَقَدَّمَ فِي الشُّفْعَةِ وَتَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَةُ رِوَايَةً وَاحِدَةً

<<  <  ج: ص:  >  >>