للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَضْمَنَانِ نِصْفَ الْمَهْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَا بِالطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ لِأَنَّ الْمَهْرَ تَأَكَّدَ بِالدُّخُولِ فَلَا إتْلَافَ (وَضَمِنَ فِي الْعِتْقِ الْقِيمَةَ) يَعْنِي إذَا شَهِدَ عَلَى عِتْقِ عَبْدٍ ثُمَّ رَجَعَ ضَمِنَ قِيمَةَ الْعَبْدِ.

(وَ) ضَمِنَ (فِي الْقِصَاصِ الدِّيَةَ) يَعْنِي إذَا شَهِدَا أَنَّ زَيْدًا قَتَلَ بَكْرًا فَاقْتَصَّ زَيْدٌ ثُمَّ رَجَعَا تَجِبُ الدِّيَةُ عِنْدَنَا لَا الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ جَزَاءُ مُبَاشَرَةِ الْقَتْلِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمَا ذَلِكَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُقْتَصُّ.

(وَ) ضَمِنَ (الْفَرْعُ بِرُجُوعِهِ) لِأَنَّ الْحُكْمَ أُضِيفَ إلَى أَدَاءِ شَهَادَتِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَكَانَ التَّلَفُ مُضَافًا إلَيْهِ فَيَضْمَنُ (لَا بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ كَذَبَ شُهُودُ الْأَصْلِ أَوْ غَلِطُوا فِي شَهَادَتِهِمْ) لِأَنَّهُمْ لَمْ يَرْجِعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ بَلْ شَهِدُوا عَلَى غَيْرِهِمْ بِالرُّجُوعِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِمْ لِأَنَّ الْقَضَاءَ الْمُمْضِي لَا يَنْتَقِضُ بِقَوْلِهِمْ كَمَا لَا يَنْتَقِضُ بِرُجُوعِهِمْ كَذَا فِي الْكَافِي

(وَلَا الْأَصْلُ بِقَوْلِهِ مَا أَشْهَدْتُهُ) يَعْنِي أَنَّ الْأُصُولَ إذَا رَجَعُوا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَالُوا لَمْ نُشْهِدْ شُهُودَ الْفَرْعِ عَلَى شَهَادَتِنَا لَمْ يَضْمَنُوا إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ جِهَتِهِمْ سَبَبٌ مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ لِإِنْكَارِهِمْ سَبَبَ الْإِتْلَافِ وَهُوَ الْإِشْهَادُ عَلَى شَهَادَتِهِمْ وَلَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ لِلتَّعَارُضِ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ فَصَارَ كَرُجُوعِ الشَّاهِدِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا التَّحْمِيلَ وَلَا بُدَّ مِنْهُ (أَوْ) بِقَوْلِهِ (أَشْهَدْتُهُ وَغَلِطْتُ) يَعْنِي إذَا قَالَ الْأُصُولُ أَشْهَدْنَاهُمْ وَلَكِنَّا غَلِطْنَا فَإِنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَمْ يَقَعْ بِشَهَادَتِهِمْ بَلْ وَقَعَ بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ.

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ ضَمِنُوا لِأَنَّ الْفُرُوعَ نَقَلُوا شَهَادَةَ الْأُصُولِ فَكَأَنَّهُمْ حَضَرُوا وَشَهِدُوا ثُمَّ حَضَرُوا وَرَجَعُوا (وَلَوْ رَجَعَ الْكُلُّ) أَيْ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ (ضَمِنَ الْفُرُوعُ فَقَطْ) عِنْدَهُمَا لِأَنَّ سَبَبَ الْإِتْلَافِ الشَّهَادَةُ الْقَائِمَةُ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَذَا وُجِدَ مِنْ الْفُرُوعِ.

وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ تَضْمِينِ الْفُرُوعِ وَتَضْمِينِ الْأُصُولِ لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَقَعَ بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْقَاضِيَ عَايَنَ شَهَادَتَهُمْ وَوَقَعَ بِشَهَادَةِ الْأُصُولِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْفُرُوعَ نَائِبُونَ عَنْهُمْ نَقَلُوا شَهَادَتَهُمْ بِأَمْرِهِمْ

(وَ) ضَمِنَ (الْمُزَكِّي بِالرُّجُوعِ) يَعْنِي أَنَّ الْمُزَكِّيَ إنْ رَجَعَ عَنْ التَّزْكِيَةِ ضَمِنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يُضَافُ إلَى الشَّهَادَةِ وَالشَّهَادَةَ إنَّمَا تَصِيرُ حُجَّةً بِالْعَدَالَةِ وَهِيَ إنَّمَا تَثْبُتُ بِالتَّزْكِيَةِ فَصَارَتْ فِي مَعْنَى عِلَّةِ الْعِلَّةِ كَالرَّمْيِ فَإِنَّهُ سَبَبٌ لِمُضِيِّ السَّهْمِ فِي الْهَوَاءِ وَهُوَ سَبَبُ الْوُصُولِ إلَى الْمَرْمَى إلَيْهِ وَهُوَ سَبَبُ الْجُرْحِ وَهُوَ سَبَبُ تَرَادُفِ الْأَلَمِ وَهُوَ سَبَبُ الْمَوْتِ ثُمَّ أُضِيفَ الْمَوْتُ إلَى الرَّمْيِ الَّذِي هُوَ الْعِلَّةُ الْأُولَى حَتَّى تَجِبَ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْقَتْلِ مِنْ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَضْمَنُونَ لِأَنَّهُمْ أَثْنَوْا عَلَى الشُّهُودِ خَيْرًا فَصَارُوا كَمَا لَوْ أَثْنَوْا عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِأَنْ شَهِدُوا بِإِحْصَانِهِ

(لَا شَاهِدُ الْإِحْصَانِ) يَعْنِي لَوْ شَهِدُوا بِالْإِحْصَانِ ثُمَّ رَجَعُوا لَمْ يَضْمَنُوا لِأَنَّهُ شَرْطُ مُحْصِنٍ (كَمَا ضَمِنَ بِهِ) أَيْ بِالرُّجُوعِ (شَاهِدُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَا بِالطَّلَاقِ بَعْدَ الدُّخُولِ. . . إلَخْ) كَذَا ذَكَرَ الْكَمَالُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ضَمَانٌ لِعَدَمِ تَقَوُّمِ الْبُضْعِ حَالَةَ الْخُرُوجِ ثُمَّ قَالَ وَفِي التُّحْفَةِ لَمْ يَضْمَنَا إلَّا مَا زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ إتْلَافًا بِعِوَضٍ وَهُوَ مَنَافِعُ الْبُضْعِ الَّتِي اسْتَوْفَاهَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَضَمِنَ فِي الْعِتْقِ الْقِيمَةَ) سَوَاءٌ كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ لِأَنَّهُ ضَمَانُ إتْلَافٍ وَالْوَلَاءَ لِلْمَوْلَى وَلَوْ شَهِدَا بِالتَّدْبِيرِ وَقَضَى بِهِ ضَمِنَا مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُدَبَّرًا وَغَيْرَ مُدَبَّرٍ وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ رُجُوعِهِمَا فَعَتَقَ مِنْ ثُلُثِ تِرْكَتِهِ كَانَ عَلَيْهِمَا بَقِيَّةُ قِيمَتِهِ عَبْدًا لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ شَهِدَ بِالْكِتَابَةِ ضَمِنَا تَمَامَ الْقِيمَةِ وَلَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِاسْتِيلَادِهَا ضَمِنَا نُقْصَانَ قِيمَتِهَا تُقَوَّمُ أَمَةً وَأُمَّ وَلَدٍ لَوْ جَازَ بَيْعُهَا مَعَ الْأُمُومَةِ فَيَضْمَنَانِ مَا بَيْنَ ذَلِكَ فَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ فَعَتَقَتْ كَانَ عَلَيْهِمَا بَقِيَّةُ قِيمَتِهَا أَمَةً لِلْوَرَثَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ يَعْنِي إذَا شَهِدَا عَلَى عِتْقِ عَبْدٍ ثُمَّ رَجَعَ ضَمِنَ قِيمَةَ الْعَبْدِ) لَعَلَّهُ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا قِيمَةَ الْعَبْدِ

(قَوْلُهُ كَمَا ضَمِنَ بِهِ أَيْ بِالرُّجُوعِ شَاهِدُ الْيَمِينِ لَا الشَّرْطِ. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْكَافِي ثُمَّ قَالَ وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ الشَّرْطِ وَحْدَهُمْ يَضْمَنُونَ عِنْدَ الْبَعْضِ لِأَنَّ الشَّرْطَ إذَا سَلِمَ عَنْ مُعَارَضَةِ الْعِلَّةِ صَلَحَ عِلَّةً لِأَنَّ الْعِلَلَ لَمْ تُجْعَلْ عِلَلًا بِذَوَاتِهَا فَاسْتَقَامَ أَنْ يَخْلُفَهَا الشَّرْطُ وَالصَّحِيحُ أَنَّ شُهُودَ الشَّرْطِ لَا يَضْمَنُونَ بِحَالٍ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَاتِ وَإِلَى هَذَا مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَإِلَى الْأَوَّلِ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ وَلَوْ شَهِدَا بِالتَّفْوِيضِ وَآخَرَانِ بِأَنَّهَا طَلُقَتْ أَوْ أَعْتَقَ فَالتَّفْوِيضُ كَالشَّرْطِ انْتَهَى وَقَالَ فِي الْبُرْهَانِ أَوْ رَجَعَ شُهُودُ الشَّرْطِ فَقَطْ نَفَيْنَا الضَّمَانَ عَنْهُمْ فِي الْأَصَحِّ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الزِّيَادَاتِ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَأَوْجَبَهُ زُفَرُ عَلَيْهِمْ وَإِلَيْهِ مَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ ظَنَّ بَعْضُ مَشَايِخِنَا أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَقَالُوا إنَّ الْعِلَّةَ لَا تَصِحُّ لِإِضَافَةِ الْحُكْمِ إلَيْهَا هُنَا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ تَتَعَدَّى فَيَكُونُ الْحُكْمُ مُضَافًا إلَى الشَّرْطِ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ يُجْعَلُ خَلْفًا عَنْ الْعِلَّةِ هُنَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْحُكْمَ يُضَافُ إلَيْهِ وُجُودًا عِنْدَهُ وَشَبَّهَ هَذَا بِحَفْرِ الْبِئْرِ قَالُوا وَهُوَ غَلَطٌ بَلْ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ شُهُودَ الشَّرْطِ لَا يَضْمَنُونَ بِحَالٍ وَهَذَا لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْتَ حُرٌّ مُبَاشَرَةٌ لِإِتْلَافِ الْمَالِيَّةِ وَعِنْدَ وُجُودِ مُبَاشَرَةِ الْإِتْلَافِ يُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ دُونَ الشَّرْطِ سَوَاءٌ كَانَ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي أَوْ لَا يَكُونُ بِطَرِيقِ التَّعَدِّي بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَفْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>