للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِلْعَامِلِ لِكَوْنِهِ عَامِلًا (وَعَلَيْهِ أَجْرُ الْمِثْلِ لِلْآخَرِ) لِأَنَّهُ أَجِيرُهُ إجَارَةً فَاسِدَةً

(الرِّبْحُ فِي الشَّرِكَةِ الْفَاسِدَةِ عَلَى قَدْرِ الْمَالِ وَإِنْ شَرَطَ الْفَضْلَ) لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الرِّبْحَ تَابِعٌ لِلْمَالِ كَالرِّيعِ وَلَمْ يُعْدَلْ عِبْنَهُ إلَّا عِنْدَ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ وَلَمْ تَصِحَّ فَيَبْطُلُ شَرْطُ التَّفَاضُلِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بِالْعَقْدِ فَيَكُونُ فِيهِ تَقْرِيرُ الْفَسَادِ وَهُوَ وَاجِبُ الدَّفْعِ

(وَتَبْطُلُ) أَيْ الشَّرِكَةُ مُطْلَقًا (بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ حُكْمًا) بِأَنْ يَرْتَدَّ وَيَلْحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَيَحْكُمَ بِهِ الْقَاضِي لِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَازِمَةٌ لِلشَّرِكَةِ وَالْمَوْتُ يُبْطِلُ الْوَكَالَةَ وَمُبْطِلُ اللَّازِمِ مُبْطِلٌ لِلْمَلْزُومِ.

(لَا يُزَكِّي أَحَدُهُمَا مَالَ الْآخَرِ بِلَا إذْنِهِ) أَيْ لَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُؤَدِّيَ زَكَاةَ مَالِ الْآخَرِ بِلَا إذْنِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ التِّجَارَةِ (فَإِنْ أَذِنَ كُلٌّ لِصَاحِبِهِ فَأَدَّيَا وَلَاءً) أَيْ بِالتَّعَاقُبِ (ضَمِنَ الثَّانِي وَإِنْ جَهِلَ بِأَدَاءِ الْأَوَّلِ) لِأَنَّهُ أَتَى بِغَيْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ الْفَرْضِ عَنْهُ وَلَمْ يَسْقُطْ فَصَارَ مُخَالِفًا فَيَضْمَنُهُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ لِأَنَّهُ صَارَ مَعْزُولًا بِأَدَاءِ الْمُوَكِّلِ حُكْمًا لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ وَذَا لَا يَخْتَلِفُ بِالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ كَالْوَكِيلِ بِبَيْعِ الْعَبْدِ إذَا أَعْتَقَهُ الْمُوَكِّلُ يَنْعَزِلُ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَا (وَإِنْ أَدَّيَا مَعًا) أَيْ أَدَّى كُلُّ وَاحِدٍ بِغَيْبَةِ صَاحِبِهِ وَاتَّفَقَ أَدَاؤُهُمَا فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ وَلَا يُعْلَمُ التَّقَدُّمُ وَالتَّأَخُّرُ (ضَمِنَ كُلٌّ قِسْطَ الْآخَرِ) وَيَتَقَاصَّانِ فَإِنْ كَانَ مَالُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ يَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ.

(شَرَى مُفَاوِضٌ أَمَةً بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِيَطَأَهَا فَهِيَ لَهُ مَجَّانًا) يَعْنِي إذَا أَذِنَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ لِصَاحِبِهِ بِشِرَاءِ أَمَةٍ لِيَطَأَهَا فَاشْتَرَاهَا الْمَأْمُورُ وَأَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فَهِيَ لَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ أَيْ لَا يَغْرَمُ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ لِلْمَأْمُورِ خَاصَّةً فَكَانَ الثَّمَنُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَقَدْ أَدَّاهُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ كَمَا فِي ثَمَنِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَلَهُ أَنَّ الْجَارِيَةَ تَدْخُلُ فِي مِلْكِهِمَا جَرْيًا عَلَى مُقْتَضَى الشَّرِكَةِ ثُمَّ الْإِذْنُ يَتَضَمَّنُ هِبَةَ نَصِيبِهِ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالْمِلْكِ فَصَارَ كَمَا إذَا اشْتَرَيَاهَا ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اقْبِضْهَا لَك كَانَ هِبَةً وَهِبَةُ الْمُشَاعِ فِيمَا لَا يُقَسَّمُ جَائِزَةٌ بِخِلَافِ طَعَامِ الْأَهْلِ وَكِسْوَتِهِمْ لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى عَنْ الشَّرِكَةِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ وَلَا ضَرُورَةَ فِي مَسْأَلَتِنَا (وَأَخَذَ الْبَائِعُ بِثَمَنِهَا أَيًّا شَاءَ) الْمُشْتَرِي بِالْأَصَالَةِ وَصَاحِبَهُ بِالْكَفَالَةِ كَمَا مَرَّ فِي الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ

(كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ) (هِيَ) لُغَةً مُفَاعَلَةٌ مِنْ الزَّرْعِ وَشَرْعًا (عَقْدٌ عَلَى الزَّرْعِ بِبَعْضِ الْخَارِجِ وَلَا تَصِحُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ) لِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ الْمُخَابَرَةِ» وَهِيَ مُزَارَعَةُ الْأَرْضِ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ الرُّبُعِ مِنْ الْخَيْبَرِ وَهُوَ الْأَكَّارُ لِمُعَالَجَتِهِ الْخِبَارَ وَهِيَ الْأَرْضُ الرِّخْوَةُ وَلِأَنَّهَا اسْتِئْجَارُ الْأَرْضِ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْ عَمَلِهِ فَكَانَ فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ (وَتَصِحُّ عِنْدَهُمَا) لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ نَخِيلَ خَيْبَرَ إلَى أَهْلِهَا مُعَامَلَةً وَأَرْضَهَا مُزَارَعَةً عَلَى نِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ تَمْرٍ وَزَرْعٍ وَبِهِ عَمِلَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَالصَّالِحُونَ إلَى يَوْمِنَا هَذَا وَبِمِثْلِهِ يُتْرَكُ خَبَرُ الْوَاحِدِ وَالْقِيَاسُ وَلِهَذَا قَالُوا (وَبِهِ يُفْتَى وَرُكْنُهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ) كَسَائِرِ الْعُقُودِ (وَشَرْطُهَا) ثَمَانِيَةُ أُمُورٍ الْأَوَّلُ (أَهْلِيَّةُ الْعَاقِدَيْنِ) إذْ لَا صِحَّةَ لِعَقْدٍ مَا بِدُونِهَا.

(وَ) الثَّانِي (صَلَاحِيَةُ الْأَرْضِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

فِيهِ نَوْعُ اسْتِدْرَاكٍ

(قَوْلُهُ كَالرِّيعِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الرِّيعَ تَابِعٌ لِلْبَذْرِ فِي الْمُزَارَعَةِ، وَالرِّيعُ النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ كَذَا فِي الْمُجْمَلِ قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ

(قَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ كُلٌّ لِصَاحِبِهِ فَأَدَّيَا وَلَاءً أَيْ بِالتَّعَاقُبِ. . . إلَخْ) هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا إنْ عَلِمَ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا أَشَارَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ.

وَفِي الزِّيَادَاتِ لَا يَضْمَنُ عَلِمَ بِأَدَاءِ شَرِيكِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمَا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْوَكِيلُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ أَوْ الْكَفَّارَاتِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَلَوْ قَضَى أَحَدُهُمَا دَيْنًا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ ثُمَّ قَضَاهُ الْآخَرُ ثَانِيًا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْأَوَّلَ قَضَاهُ لَمْ يَضْمَنْ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَهَذِهِ حُجَّةُ أَبِي يُوسُفَ فِي مَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ كَذَا فِي الْمَنَاقِبِ وَأَقُولُ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الشَّرِيكَ وَكَالَتُهُ بَاقِيَةٌ لِبَقَاءِ الشَّرِكَةِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ عَزْلِهِ بِأَدَاءِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا الزَّكَاةُ فَأَدَاؤُهَا بَعْدَ أَدَاءِ الْآمِرِ أَدَاءُ مَعْزُولٍ مَا لَا يَمْلِكُهُ لِعَزْلِهِ بِفِعْلِ الْآمِرِ.

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: الْمَأْمُورُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ لَا يَضْمَنُ بِقَضَائِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ بَعْدَ قَضَاءِ الْآمِرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْمَقْبُوضَ مَضْمُونًا عَلَى الْقَابِضِ لِأَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَأَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَابِضِ بَعْدَ الْهَلَاكِ. اهـ.

(قَوْلُهُ أَيْ لَا يَغْرَمُ شَرِيكُهُ شَيْئًا) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ لِشَرِيكِهِ لِكَوْنِ الضَّمِيرِ فِي يَغْرَمُ لِلْمَأْمُورِ تَأَمَّلْ

[كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ]

[أَرْكَان الْمُزَارَعَة]

كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ (قَوْلُهُ وَتَصِحُّ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَفَعَ نَخِيلَ خَيْبَرَ إلَى أَهْلِهَا مُعَامَلَةً) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَالْجَوَابُ مِنْ الْإِمَامِ عَنْهُ أَنَّ مُعَامَلَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَ خَيْبَرَ كَانَ خَرَاجَ مُقَاسَمَةٍ بِطَرِيقِ الْمَنِّ وَالصُّلْحِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُبَيِّنْ لَهُمْ الْمُدَّةَ وَلَوْ كَانَتْ مُزَارَعَةً لَبَيَّنَهَا اهـ.

وَفَرَّعَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي الْمُزَارَعَةِ عَلَى قَوْلِ مَنْ جَوَّزَهَا لِعِلْمِهِ أَنَّ النَّاسَ لَا يَأْخُذُونَ بِقَوْلِهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>