للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقْتِ (الِاحْمِرَارِ) فَإِنَّ الْقَضَاءَ فِيهِ مَكْرُوهٌ (وَلَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ) فِيهِمَا.

(وَكُرِهَ مَا سِوَى الْفَائِتَةِ عِنْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ) أَيْ صُعُودِهِ إلَى الْمِنْبَرِ (لِلْخُطْبَةِ) أَطْلَقَهَا لِيَتَنَاوَلَ جَمِيعَ الْخُطَبِ كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدِ وَخُطَبٍ فِي الْحَجِّ وَغَيْرِهَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَشُرَّاحُ الْهِدَايَةِ (حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ) لَا مِنْ مُجَرَّدِ الْخُطْبَةِ وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنَّمَا كُرِهَ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاشْتِغَالِ عَنْ اسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ تُكْرَهُ الْفَوَائِتُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ لِلْخُطْبَةِ وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ الْفَائِتَةُ تَجُوزُ وَقْتَ الْخُطْبَةِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَاخْتِيرَ هَاهُنَا قَوْلُهُ لِكَوْنِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ أَكْثَرَ.

(لَا يُجْمَعُ فَرْضَانِ فِي وَقْتِ الْعُذْرِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ بِعُذْرِ الْمَطَرِ، وَالْمَرَضِ، وَالسَّفَرِ (بَلْ بِحَجٍّ) فَإِنَّ الْحَاجَّ يَجْمَعُ بَيْنَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فِي عَرَفَةَ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ، وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ فِي الْمُزْدَلِفَةِ (تَطَهَّرَتْ فِي وَقْتِ عَصْرٍ أَوْ عِشَاءٍ تَقْضِيهِمَا فَقَطْ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَقْضِي الظُّهْرَ مَعَ الْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبَ مَعَ الْعِشَاءِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَاحِدٌ وَكَذَا وَقْتُ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَلِهَذَا جَوَّزَ الْجَمْعَ بِالْعُذْرِ كَمَا مَرَّ (صَارَ أَهْلًا فِي آخِرِ الْوَقْتِ يَقْضِيهِ لَا مَنْ حَاضَتْ فِيهِ أَوْ نَفِسَتْ) الْمُعْتَبَرُ فِي السَّبَبِيَّةِ آخِرُ الْوَقْتِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَوَّلُهُ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ يَلْزَمُهُمْ فَرْضُ الْوَقْتِ عِنْدَنَا وَلَوْ حَاضَتْ فِيهِ عِنْدَنَا لَا تَقْضِيهِ خِلَافًا لَهُ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ

[بَابُ الْأَذَانِ]

[حُكْم الْأَذَان وَالْإِقَامَة]

(بَابُ الْأَذَانِ)

هُوَ لُغَةً الْإِعْلَامُ وَشَرْعًا إعْلَامُ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَيُطْلَقُ عَلَى الْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ (سُنَّ) سُنَّةً مُؤَكَّدَةً (لِلْفَرَائِضِ) وَهِيَ الرَّوَاتِبُ الْخَمْسُ وَقَضَاؤُهَا وَالْجُمُعَةُ بِخِلَافِ الْوِتْرِ وَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ وَالْجِنَازَةِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالسُّنَنِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

وَقْتِ الِاحْمِرَارِ فَإِنَّ الْقَضَاءَ فِيهِ مَكْرُوهٌ) أَقُولُ ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ مَعَ الْكَرَاهَةِ فَيُنَاقِضُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ لَا تَصِحُّ صَلَاةٌ. . . إلَخْ وَيُخَالِفُهُ مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ عِنْدَ قَوْلِ صَاحِبِ الْكَنْزِ وَمَنَعَ عَنْ التَّنَفُّلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَالْعَصْرِ لَا عَنْ قَضَاءِ فَائِتَةٍ. . . إلَخْ الْمُرَادُ بِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ قَبْلَ تَغَيُّرِ الشَّمْسِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ الْقَضَاءُ أَيْضًا اهـ.

قُلْت وَلَا يُقَالُ إنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ لِحَمْلِ نَفْيِ الْجَوَازِ عَلَى الْحِلِّ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَسْأَلَةِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ، وَالصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ فَلَمْ يُؤَدِّ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ قَضَاءُ مَا فَاتَ فِي وَقْتٍ مَكْرُوهٍ مِثْلِهِ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ كَامِلٌ لِعَدَمِ نَقْصٍ فِي الْوَقْتِ نَفْسِهِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَتِهِ إلَّا بِكَامِلٍ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَمَنْ خُوطِبَ بِالصَّلَاةِ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا فَلَمْ يُؤَدِّهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى وَمَا وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُصَلِّيَ فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ الْفَوَائِتَ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ لِمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَلَا بَأْسَ بِالْقَضَاءِ فِيهِمَا إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي الْفَجْرِ وَتَغَيُّرِهَا فِي الْعَصْرِ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ الْقُدُورِيِّ حَتَّى تَغْرُبَ لِأَنَّ الْغُرُوبَ فِيهَا مُؤَوَّلٌ بِالتَّغَيُّرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ. . . إلَخْ) أَقُولُ يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ صَاحِبِ النِّهَايَةِ عَلَى الْفَوَائِتِ الْوَاجِبِ تَرْتِيبُهَا مَعَ الْجُمُعَةِ وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ عَلَى فَوَائِتَ غَيْرِ وَاجِبَةِ التَّرْتِيبِ فَلَا مُعَارَضَةَ وَإِلَّا فَلَا يَسَعُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ الْحُكْمَ بِالْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا لِمَا أَنَّهُ لَا تَصِحُّ جُمُعَتُهُ مَعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْفَوَائِتِ اللَّازِمِ أَدَاؤُهَا مُرَتِّبًا.

(تَتِمَّةٌ) : يُكْرَهُ التَّطَوُّعُ عِنْدَ الْإِقَامَةِ إلَّا سُنَّةَ الْفَجْرِ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ جَمَاعَةٍ وَقَبْلَ الْعِيدِ مُطْلَقًا وَبَعْدَهُ فِي الْمَسْجِدِ لَا الْبَيْتِ وَبَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ، وَعِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الْمَكْتُوبَةِ وَمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ وَحُضُورِ طَعَامٍ تَتُوقُهُ نَفْسُهُ وَمَا يَشْغَلُ الْبَالَ وَيُخِلُّ بِالْخُشُوعِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَيُكْرَهُ الْكَلَامُ بَعْدَ انْشِقَاقِ الْفَجْرِ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا بِخَيْرٍ وَبَعْدَ الصَّلَاةِ لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا بِالْمَشْيِ فِي حَاجَتِهِ، وَقِيلَ يُكْرَهُ إلَى الشَّمْسِ وَقِيلَ إلَى ارْتِفَاعِهَا كَمَا فِي الْفَتْحِ

(بَابُ الْأَذَانِ) .

(قَوْلُهُ وَشَرْعًا إعْلَامُ وَقْتِ الصَّلَاةِ) أَقُولُ لَعَلَّ السِّرَّ فِي عُدُولِهِ عَنْ قَوْلِ غَيْرِهِ إعْلَامٌ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ لِلْإِشْعَارِ بِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ لِمَا أَنَّهُ يُبْرَدُ بِهِ كَالصَّلَاةِ فِي الصَّيْفِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ سُنَّ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً) هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْكَافِي وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَكَذَا الْإِقَامَةُ.

وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَاجِبٌ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ بِمُقَاتَلَةِ أَهْلِ بَلْدَةٍ اجْتَمَعُوا عَلَى تَرْكِهِ وَأَبُو يُوسُفَ يُحْبَسُونَ وَيُضْرَبُونَ وَلَا يُقَاتَلُونَ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْوِتْرِ) هَذَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ أَذَانَ الْعِشَاءِ لَا يَقَعُ لِلْوِتْرِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ لَكِنْ قَالَ الْكَمَالُ أَذَانُ الْعِشَاءِ إعْلَامٌ بِدُخُولِ وَقْتِهِ؛ لِأَنَّ وَقْتَهُ وَقْتُهَا.

(قَوْلُهُ وَصَلَاةِ الْعِيدِ) قَالَ الْكَمَالُ، وَلَوْلَا مَا رَوَيْنَا فِي الْعِيدِ لَأَذَّنَّا لَهُ عَلَى رِوَايَةِ الْوُجُوبِ يَعْنِي وُجُوبَ الْعِيدِ أَمَّا السُّنَّةُ فَلَا وَمَا رَوَاهُ هُوَ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «صَلَّيْت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِيدَ غَيْرَ مَرَّةٍ وَلَا مَرَّتَيْنِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>