للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَفْعَالَ الْمُبَاحَةَ لَا تَجُوزُ مُبَاشَرَتُهَا إلَّا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُؤْذِيَ أَحَدًا فَإِنْ آذَى فَقَدْ تَرَكَ التَّحَرُّزَ فَأَثِمَ وَأَمَّا كَوْنُهُ دُونَهُ فَلِعَدَمِ الْقَصْدِ (وَالْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ) أَمَّا كَوْنُهُمَا حُكْمَ الْخَطَأِ فَبِالنَّصِّ وَأَمَّا كَوْنُهُمَا حُكْمَ الْجَارِي مَجْرَاهُ فَظَاهِرٌ (وَحِرْمَانُ الْإِرْثِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَقْصِدَ اسْتِعْجَالَ الْمِيرَاثِ وَأَظْهَرَ مِنْ نَفْسِهِ الْقَصْدَ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ وَأَنْ يَكُونَ مُتَنَاوِمًا لَمْ يَكُنْ نَائِمًا قَصْدًا إلَى اسْتِعْجَالِ الْإِرْثِ

وَذَكَرَ الْخَامِسَ بِقَوْلِهِ (وَإِمَّا قَتْلٌ بِالسَّبَبِ) أَيْ بِكَوْنِهِ سَبَبًا لِلْقَتْلِ (كَإِتْلَافِهِ بِحَفْرِ الْبِئْرِ أَوْ وَضْعِ الْحَجَرِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ) قَيْدٌ لِلْحَفْرِ وَالْوَضْعِ (أَوْ) وَضْعِ (خَشَبَةٍ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ) مِمَّا هُوَ سَبَبٌ لِلْإِتْلَافِ (إلَّا أَنْ يَمْشِيَ) الْهَالِكُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبِئْرِ وَنَحْوِهِ (بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْحَفْرِ وَنَحْوِهِ) فَحِينَئِذٍ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ عَلَى الْحَافِرِ وَنَحْوِهِ (وَحُكْمُهُ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ) لِأَنَّ الْفَاعِلَ سَبَبُ التَّلَفِ وَهُوَ مُتَعَدٍّ فِيهِ فَكَأَنَّهُ مُوقِعٌ فِي الْبِئْرِ وَدَافِعٌ عَلَيْهِ الْحَجَرَ فَوَجَبَ الدِّيَةُ وَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ (بِلَا كَفَّارَةٍ وَلَا إثْمِ الْقَتْلِ) لِأَنَّ الْقَتْلَ مِنْهُ مَعْدُومٌ حَقِيقَةً وَأُلْحِقَ بِهِ الْخَطَأُ فِي حَقِّ الضَّمَانِ فَبَقِيَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ عَلَى الْأَصْلِ وَإِنَّمَا قَالَ وَلَا إثْمَ الْقَتْلِ لِأَنَّهُ يَأْثَمُ بِالْحَفْرِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ (وَلَا إرْثَ إلَّا هُنَا) لِأَنَّ الْحِرْمَانَ بِسَبَبِ الْقَتْلِ وَلَا قَتْلَ هُنَا

(بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ) (يَجِبُ بِقَتْلِ مَعْصُومِ الدَّمِ عَمْدًا) قَيْدٌ لِلْقَتْلِ (بِشَرَائِطَ ذُكِرَتْ) مِنْ كَوْنِ الْقَاتِلِ مُكَلَّفًا. . . إلَخْ (فَيُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْحُرِّ) لِتَمَامِ الْمُمَاثَلَةِ (وَبِالْعَبْدِ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [البقرة: ١٧٨] وَلَنَا إطْلَاقُ قَوْله تَعَالَى {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] وَالتَّخْصِيصُ بِالذَّكَرِ لَا يَنْفِي مَا عَدَاهُ لَا يُقَالُ لَوْ دَلَّ لَوَجَبَ أَنْ لَا يُقْتَلَ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ يُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ تَفَاوُتٌ إلَى النُّقْصَانِ فَلَا يُمْنَعُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ عَلَى أَنَّهُ إنْ دَلَّ يَجِبُ أَنْ لَا يُقْتَلَ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} [البقرة: ١٧٨] (وَالْمُسْلِمُ بِالذِّمِّيِّ) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يُقْتَلُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» وَلَنَا مَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَ مُسْلِمًا بِذِمِّيٍّ» وَقَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنَّمَا أَعْطَوْا الْجِزْيَةَ لِتَكُونَ أَمْوَالُهُمْ كَأَمْوَالِنَا وَدِمَاؤُهُمْ كَدِمَائِنَا وَالْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ الْحَرْبِيُّ لِسِيَاقِهِ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ وَالْعَطْفُ لِلْمُغَايَرَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ وَلَا ذِمِّيٌّ بِكَافِرٍ فَيَكُونُ مُسْتَأْمَنًا ضَرُورَةً (لَا هُمَا) أَيْ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ (بِمُسْتَأْمَنٍ) غَيْرِ مَعْصُومِ الدَّمِ عَلَى التَّأْبِيدِ كَمَا مَرَّ (بَلْ هُوَ بِمِثْلِهِ) أَيْ يُقْتَلُ الْمُسْتَأْمَنُ بِالْمُسْتَأْمَنِ قِيَاسًا لِلْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا وَلَا يُقْتَلُ اسْتِحْسَانًا لِقِيَامِ مُبِيحِ الْقَتْلِ (وَ) يُقْتَلُ (الْعَاقِلُ بِالْمَجْنُونِ وَالْبَالِغُ بِالصَّبِيِّ وَالصَّحِيحُ بِالْأَعْمَى وَالزَّمِنُ وَنَاقِصُ الْأَطْرَافِ وَالرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ) لِلْعُمُومَاتِ (وَالْفَرْعُ بِأَصْلِهِ وَإِنْ عَلَا) لِعَدَمِ الْمُسْقِطِ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَا يُقْتَلُ الْأَصْلُ بِفَرْعِهِ يَتَنَاوَلُ الْأَبَ وَالْجَدَّ وَالْجَدَّةَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يُقَادُ الْوَلَدُ بِوَلَدِهِ» (وَلَا سَيِّدٌ بِعَبْدِهِ وَمُدَبَّرِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَعَبْدِ وَلَدِهِ) لِأَنَّهُ لَا يَسْتَوْجِبُ لِنَفْسِهِ الْقِصَاصَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا وَلَدِهِ عَلَيْهِ (وَعَبْدٍ بَعْضِهِ لَهُ) لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَتَجَزَّأُ (وَلَا) أَيْ لَا يُقْتَلُ قَاتِلُ عَبْدِ الرَّهْنِ حَتَّى يَجْتَمِعَ عَاقِدَاهُ (أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ) لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا مِلْكَ لَهُ فَلَا يَلِي الْقِصَاصَ وَالرَّاهِنُ لَوْ تَوَلَّاهُ لَبَطَلَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ فَشَرَطَ اجْتِمَاعَهُمَا لِيَسْقُطَ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ بِرِضَاهُ.

وَذَكَرَ فِي الْعُيُونِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِمَا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ وَلَا إرْثَ إلَّا هُنَا) مُسْتَغْنًى عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّهُ قَدَّمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَقْسَامِ مَعَ حُكْمِهِ إلَّا شِبْهَ الْعَمْدِ كَمَا ذَكَرْنَا

[بَابُ مَا يُوجِبُ الْقَوَدَ وَمَا لَا يُوجِبُهُ]

(قَوْلُهُ وَالْفَرْعُ بِأَصْلِهِ وَإِنْ عَلَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ وَجْهِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ (قَوْلُهُ وَلَا قَاتِلَ عَبْدِ الرَّهْنِ حَتَّى يَجْتَمِعَ عَاقِدَاهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَإِنَّمَا وَجَبَ حُضُورُ الْمُرْتَهِنِ لِيَسْقُطَ حَقُّهُ بِرِضَاهُ وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الرَّاهِنِ وَفِيهِ نَوْعُ إشْكَالٍ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ قَدْ تَمَّ بِالْهَلَاكِ فَكَيْفَ يُعْتَبَرُ رِضَاهُ لِسُقُوطِ حَقِّهِ؟ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ غَيْرُ مُتَعَذَّرٍ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ الْقَوَدِ إمَّا بِالصُّلْحِ أَوْ بِدَعْوَى الشُّبْهَةِ فِي الْقَتْلِ فَيَصِيرُ خَطَأً كَذَا فِي الْكِفَايَةِ اهـ.

وَحُكْمُ مَا إذَا حَضَرَ أَحَدُهُمَا وَاقْتَصَّ يُطْلَبُ مِنْ مَجْمَعِ الرِّوَايَاتِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي الْعُيُونِ. . . إلَخْ)

قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا) مِنْهُ مَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ الْمَشْيِ عَلَى عَدَمِ الْقَوَدِ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَهُ وَلَوْ اجْتَمَعَ الرَّاهِنُ وَمُرْتَهِنُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>