للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِلْكِ الْوَاقِفِ أَوْ وَارِثِهِ وَإِذَا مَاتُوا يَكُونُ لِلْفُقَرَاءِ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي الْإِيصَاءِ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْإِيصَاءِ) بِمَعْنَى جَعْلِ الْغَيْرِ وَصِيًّا (أَوْصَى إلَى زَيْدٍ) أَيْ جَعَلَهُ وَصِيًّا (وَقَبِلَ عِنْدَهُ فَإِنْ رَدَّهُ عِنْدَهُ رُدَّ) لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِي ذَلِكَ فَإِنْ شَاءَ دَامَ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ إذْ لَيْسَ لِلْمُوصِي وِلَايَةُ إلْزَامِ التَّصَرُّفِ عَلَى الْغَيْرِ وَلَيْسَ فِي الرُّجُوعِ تَغْرِيرٌ إذْ يُمْكِنُهُ أَنْ يُوصِيَ غَيْرَهُ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ عِنْدَهُ سَوَاءٌ رَدَّهُ عِنْدَ غَيْرِهِ أَوْ بَعْدَ مَمَاتِهِ (فَلَا) أَيْ فَلَا يَرُدُّ لِأَنَّهُ لَمَّا قُبِلَ فِي وَجْهِهِ اعْتَمَدَ الْمُوصِي عَلَى قَبُولِهِ فَلَمْ يُوصِ إلَى غَيْرِهِ فَلَوْ جَوَّزْنَا رَدَّهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَمَاتِهِ لَصَارَ الْمَيِّتُ مَغْرُورًا وَذَلِكَ بَاطِلٌ (إنْ سَكَتَ) أَيْ لَمْ يَقْبَلْ وَلَمْ يَرُدَّ (فَمَاتَ الْمُوصِي فَلَهُ رَدُّهُ وَقَبُولُهُ) لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فِي التَّصَرُّفِ لِلْغَيْرِ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ بِلَا قَبُولِهِ كَالْوَكَالَةِ وَلَا تَغْرِيرَ هَاهُنَا لِأَنَّ الْمُوصِيَ هُوَ الَّذِي اغْتَرَّ حَيْثُ لَمْ يَتَعَرَّفْ عَلَى حَالِهِ أَنَّهُ يَقْبَلُ الْوِصَايَةَ أَمْ لَا.

(وَإِنْ رَدَّ ثُمَّ قَبِلَ صَحَّ إلَّا إذَا أَنْفَذَ رَدَّهُ) أَيْ الْمُوصَى إلَيْهِ إنْ لَمْ يَقْبَلْ حَتَّى مَاتَ الْمُوصِي ثُمَّ قَالَ: لَا أَقْبَلُ ثُمَّ قَبِلَ صَحَّ إنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي أَخْرَجَهُ حِينَ قَالَ: لَا أَقْبَلُ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ لَا يَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَا أَقْبَلُ لِأَنَّ فِي إبْطَالِهِ ضَرَرًا بِالْمَيِّتِ، وَالضَّرَرُ وَاجِبُ الدَّفْعِ فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي أَخْرَجَهُ عَنْ الْإِيصَاءِ حِينَ قَالَ: لَا أَقْبَلُ فَإِذَا قَبِلَ بَعْدَهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ إخْرَاجَهُ قَدْ صَحَّ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الِاجْتِهَادِ إذْ الرَّدُّ صَحِيحٌ عِنْدَ زُفَرَ.

(وَلَزِمَ) أَيْ الْإِيصَاءُ بِبَيْعِ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ (وَإِنْ جَهِلَ) أَيْ الْوَصِيُّ (بِهِ) أَيْ بِكَوْنِهِ وَصِيًّا لِوُجُودِ دَلِيلِ الْقَبُولِ إذْ الْمَقْصُودُ هُوَ التَّصَرُّفُ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ بَعْدِ الْمَوْت لِأَنَّ أَوَانَ وِلَايَتِهِ بَعْدَهُ وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ لِصُدُورِهِ عَنْ الْوَصِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهُ وَصِيًّا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ رَجُلٌ بِالْبَيْعِ فَبَاعَ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِوَكَالَتِهِ حَيْثُ لَا يَنْفُذُ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ إثْبَاتُ خِلَافَتِهِ لِثُبُوتِ أَوَانِ انْقِطَاعِ وِلَايَتِهِ، وَإِذَا كَانَ اسْتِخْلَافًا صَحَّ بِغَيْرِ عِلْمِهِ كَالْوِرَاثَةِ فَأَمَّا التَّوْكِيلُ فَإِثْبَاتُ الْوِلَايَةِ وَلَيْسَ بِاسْتِخْلَافٍ لِثُبُوتِهِ حَالَ قِيَامِ وِلَايَةِ الْمُوَكِّلِ فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ عِلْمِ مَنْ تَثْبُتُ عَلَيْهِ كَإِثْبَاتِ الْمِلْكِ بِطَرِيقِ الْبَيْعِ، وَالْهِبَةِ.

(وَ) أَوْصَى (إلَى عَبْدٍ لِغَيْرِهِ أَوْ كَافِرٍ أَوْ فَاسِقٍ بَدَّلَهُ الْقَاضِي بِغَيْرِهِ) هَذَا اللَّفْظُ يُشِيرُ إلَى صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الْإِخْرَاجَ الْمَفْهُومَ مِنْ التَّبْدِيلِ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ ثُبُوتِ الْإِيصَاءِ، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بَاطِلَةٌ قِيلَ مَعْنَاهُ سَيَبْطُلُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ وَقِيلَ فِي الْعَبْدِ مَعْنَاهُ بَاطِلٌ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ وَعَدَمِ اسْتِبْدَالِهِ وَفِي غَيْرِهِ مَعْنَاهُ سَتَبْطُلُ وَقِيلَ فِي الْكَافِي بَاطِلَةٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَوَجْهُ الصِّحَّةِ ثُمَّ الْإِخْرَاجُ أَنَّ الْإِيصَاءَ إلَى الْغَيْرِ إنَّمَا يَجُوزُ شَرْعًا لِيَتِمَّ بِهِ نَظَرُ الْمُوصِي لِنَفْسِهِ وَلِأَوْلَادِهِ وَبِالْإِيصَاءِ إلَى هَؤُلَاءِ لَا يَتِمُّ مَعْنَى النَّظَرِ، وَإِنْ وُجِدَ أَهْلُ النَّظَرِ لِكَوْنِ الْعَبْدِ أَهْلًا لِلتَّصَرُّفِ لَيْسَ بِمُوَلًّى عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ مَنْ يَتَصَرَّفُ عَلَيْهِ وَلِكَوْنِ الْفَاسِقِ مِنْ أَهْلِ الْوِلَايَةِ مَعْنًى، وَالْخِلَافَةِ إرْثًا وَتَصَرُّفًا حَتَّى لَوْ تَصَرَّفَ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ لِثُبُوتِ وِلَايَةِ الْكَافِرِ فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى نَفَذَ شِرَاؤُهَا عَبْدًا مُسْلِمًا وَلَكِنْ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ وَإِنَّمَا قَالَ لَا يَتِمُّ مَعْنَى النَّظَرِ لِتَوَقُّفِ وِلَايَةِ الْعَبْدِ عَلَى إجَازَةِ سَيِّدِهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ الْحَجْرِ بَعْدَهَا وَاشْتِغَالِهِ بِخِدْمَةِ الْمَوْلَى فَيُتَوَهَّمُ التَّقْصِيرُ فِي اسْتِيفَاءِ حُقُوقِ الْمَيِّتِ وَتَوَهُّمُ الْحَيَاةِ مِنْ الْكَافِرِ لِلْمُعَادَاةِ الدِّينِيَّةِ وَمِنْ الْفَاسِقِ بِفِسْقِهِ فَيُخْرِجُهُ الْقَاضِي مِنْ الْوِصَايَةِ، وَيَجْعَلُ مَكَانَهُ وَصِيًّا آخَرَ تَتْمِيمًا لِلنَّظَرِ.

(وَ) أَوْصَى (إلَى عَبْدِهِ صَحَّ لِوَرَثَةٍ صِغَارٍ) .

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي الْإِيصَاءِ) (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يُرَدَّ عِنْدَهُ سَوَاءٌ وَرُدَّ عِنْدَ غَيْرِهِ أَوْ بَعْدَ مَمَاتِهِ فَلَا أَيْ لَا يُرَدُّ. . . إلَخْ) الْقَوْلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الرَّدِّ عِنْدَ غَيْرِهِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي الْمُرَادُ بِهِ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ الْعِلْمُ بِرَدِّ الْوَصِيِّ لِمَا قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: وَمَنْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَقَبِلَ الْوَصِيُّ فِي وَجْهِ الْمُوصِي وَرَدَّهَا أَيْ الْوَصِيَّةَ فِي غَيْرِ وَجْهِهِ أَيْ بِغَيْرِ عِلْمِ الْمُوصِي فَلَيْسَ بِرَدٍّ اهـ.

وَلِمَا قَالَ فِي الْمُجْتَبَى كَمَا رَأَيْته مَعْزُوًّا بِخَطِّ ثِقَةٍ قَالَ فِي الْمُجْتَبَى قُلْت الْمُصَنِّفُ بِوَجْهِهِ يَعْنِي قَوْلُهُ: وَصَحَّ رَدُّهُ فِي وَجْهِهِ وَاتَّبَعَهُ الشَّارِحُونَ حَتَّى اُشْتُبِهَ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ هَلْ يَكْفِيهِ أَمْ لَا فَوَجَدْت الْمَسْأَلَةَ مَنْصُوصَةً بِحَمْدِ اللَّهِ فِي التُّحْفَةِ السَّمَرْقَنْدِيَّة قَالَ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ بِدُونِ مَحْضَرٍ مِنْ الْمُوصِي أَوْ عِلْمِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ لِصُدُورِهِ مِنْ الْوَصِيِّ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ كَوْنُهُ وَصِيًّا) هَذِهِ رِوَايَةُ الزِّيَادَاتِ وَبَعْضُ رِوَايَاتِ الْمَأْذُونِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَصِيِّ أَيْضًا يَعْنِي كَالْوَكِيلِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْوِصَايَةِ اعْتِبَارًا بِالْوَكَالَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا نِيَابَةٌ كَذَا فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلْعَيْنِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَى عَبْدِ الْغَيْرِ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِعَبْدِهِ، وَالْوَرَثَةُ صِغَارٌ صَحَّ (قَوْلُهُ: وَبِالْإِيصَاءِ إلَى هَؤُلَاءِ لَا يَتِمُّ مَعْنَى النَّظَرِ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: فَلَوْ زَالَ الرِّقُّ، وَالْكُفْرُ وَبَلَغَ الصَّبِيُّ قَبْلَ إخْرَاجِ الْقَاضِي لَا يُخْرِجُهُمْ اهـ.

وَلَمْ يَذْكُرْ زَوَالَ الْفِسْقِ وَلَعَلَّهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ أَهْلُ النَّظَرِ) عِبَارَةُ الْكَافِي أَصْلُ النَّظَرِ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِ الْعَبْدِ أَهْلًا لِلتَّصَرُّفِ لَيْسَ بِمَوْلَى عَلَيْهِ) لَعَلَّهُ وَلَيْسَ بِوَاوِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْفَاسِقِ لِفِسْقِهِ) يَعْنِي وَتَوَهَّمَ الْخِيَانَةَ مِنْ الْفَاسِقِ لِفِسْقِهِ فَجَعَلَ الْفِسْقَ لِذَاتِهِ مُوجِبًا لِإِخْرَاجِهِ وَكَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكَنْزِ.

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَالنَّسَفِيُّ فِي الْكَافِي شَرْطٌ فِي الْأَصْلِ أَنْ يَكُونَ الْفَاسِقُ مُتَّهَمًا مَخُوفًا مِنْهُ عَلَى الْمَالِ

<<  <  ج: ص:  >  >>