للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ حَاصِلًا فِي هَذَا السِّنِّ وَلَوْ نَادِرًا فَكَانَ مِمَّا يُعْرَفُ مِنْهُمَا كَالْحَيْضِ قَبْلَ إقْرَارِهِمَا بِهِ ضَرُورَةً.

(كِتَابُ الْمَأْذُونِ) الْإِذْنُ لُغَةً الْإِعْلَامُ، وَشَرْعًا فَكُّ الْحَجْرِ مُطْلَقًا، وَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا (إذْنُ الْعَبْدِ) وَهُوَ فَكُّ الْحَجْرِ بِالرِّقِّ الثَّابِتِ شَرْعًا عَلَى الْعَبْدِ (وَإِسْقَاطُ الْحَقِّ) أَيْ حَقِّ الْمَوْلَى فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِنْسَانِ كَوْنُهُ مَالِكًا لِلتَّصَرُّفَاتِ فَتَعَلُّقُ حَقِّ الْمَوْلَى بِعُرُوضِ الرِّقِّ صَارَ مَانِعًا لِمَالِكِيَّتِهِ لَهَا، فَإِذَا أَسْقَطَ الْمَوْلَى حَقَّهُ يَعُودُ الْمَمْنُوعُ (فَيَتَصَرَّفُ) أَيْ إذَا كَانَ إذْنُ الْعَبْدِ فَكَّ الْحَجْرِ وَإِسْقَاطَ الْحَقِّ فَيَتَصَرَّفُ الْعَبْدُ (لِنَفْسِهِ بِأَهْلِيَّتِهِ، فَلَا يَرْجِعُ بِالْعُهْدَةِ عَلَى مَوْلَاهُ) فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا لَا يَطْلُبُ الثَّمَنَ مِنْ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ مُشْتَرٍ لِنَفْسِهِ وَالْوَكِيلُ يَطْلُبُهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ (وَلَا يَتَوَقَّفُ) يَعْنِي إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا كَانَ مَأْذُونًا أَبَدًا إلَى أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِسْقَاطَاتِ لَا تَتَوَقَّفُ (وَلَا يَتَخَصَّصُ) بِنَوْعِ فَإِذَا أَذِنَ بِنَوْعٍ عَمَّ إذْنُهُ الْأَنْوَاعَ، فَكَذَا إذَا قَالَ اُقْعُدْ صَبَّاغًا فَإِنَّهُ إذْنٌ بِشِرَاءِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي هَذَا الْعَمَلِ، وَكَذَا إذَا قِيلَ أَدِّ إلَيَّ الْغَلَّةَ كُلَّ شَهْرٍ، كَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّهُ اسْتِخْدَامٌ لَا إذْنٌ.

(وَيَثْبُتُ) أَيْ الْإِذْنُ (دَلَالَةً إذَا رَأَى الْمَوْلَى يَبِيعُ عَبْدُهُ مِلْكَ الْأَجْنَبِيِّ) احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا رَآهُ يَبِيعُ مِلْكَ مَوْلَاهُ فَإِنَّهُ إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ مِلْكًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إذْنًا لَهُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ (وَيَشْتَرِي) مَا أَرَادَهُ، (وَسَكَتَ) أَيْ الْمَوْلَى يَكُونُ إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ وَلَا يَكُونُ إذْنًا لَهُ فِي بَيْعِ ذَلِكَ الشَّيْءِ أَوْ شِرَائِهِ كَذَا فِي الأسروشنية أَقُولُ سَرَّهُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمَحْجُورَ إنَّمَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إذَا صَدَرَ عَنْهُ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ مَالِ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا مَرَّ آنِفًا بِمَحْضَرٍ مِنْ مَوْلَاهُ فَفِيمَا إذَا بَاعَ الْمَحْجُورُ بِمَحْضَرٍ مِنْ مَوْلَاهُ مِلْكًا لِغَيْرِهِ مَأْذُونًا لَزِمَ أَنْ يَصِيرَ مَأْذُونًا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مَأْذُونًا وَهُوَ ظَاهِرُ اللُّزُومِ وَالْبُطْلَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ (وَ) يَثْبُتُ أَيْضًا (صَرِيحًا فَلَوْ أَذِنَ) الْعَبْدَ (مُطْلَقًا) بِأَنْ يَقُولَ مَوْلَاهُ أَذِنْت لَك فِي التِّجَارَةِ صَحَّ كُلُّ تِجَارَةٍ مِنْهُ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ اسْمٌ عَامٌّ يَتَنَاوَلُ الْأَنْوَاعَ (فَيَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَلَوْ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ) خِلَافًا لَهُمَا وَبِالْغَبْنِ الْيَسِيرِ جَازَ اتِّفَاقًا لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ لَهُمَا أَنَّ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

[كِتَابُ الْمَأْذُونِ]

(كِتَابُ الْمَأْذُونِ) (قَوْلُهُ الْإِذْنُ لُغَةً الْإِعْلَامُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَمِنْهُ الْأَذَانُ وَهُوَ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ اهـ.

وَفِي النِّهَايَةِ أَمَّا اللُّغَةُ فَالْإِذْنُ فِي الشَّيْءِ رَفْعُ الْمَانِعِ لِمَنْ هُوَ مَحْجُورٌ عَنْهُ وَإِعْلَامٌ بِإِطْلَاقِهِ فِيمَا حُجِرَ عَنْهُ مَنْ أَذِنَ لَهُ فِي الشَّيْءِ إذْنًا اهـ.

(قَوْلُهُ وَشَرْعًا فَكُّ الْحَجْرِ مُطْلَقًا) يَعْنِي فَلَا يَتَوَقَّتُ وَلَا يَتَخَصَّصُ، وَأَمَّا حُكْمُهُ فَقَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ التَّفْسِيرُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ فَكُّ الْحَجْرِ الثَّابِتِ بِالرِّقِّ شَرْعًا عَمَّا يَتَنَاوَلُهُ الْإِذْنُ لَا الْإِنَابَةُ وَالتَّوْكِيلُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ مَا يَثْبُتُ بِهِ وَالثَّابِتُ بِالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ فَكُّ الْحَجْرِ عَنْ التِّجَارَةِ هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْإِيضَاحِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا إذْنُ الْعَبْدِ) وَالثَّانِي إذْنُ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ، وَسَيَذْكُرُهُ آخِرَ الْبَابِ (قَوْلُهُ فَيَتَصَرَّفُ الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ) لَا يَلْزَمُهُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِمَا تَصَرَّفَ فِيهِ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ بِجُمْلَتِهِ مَمْلُوكٌ لِلْمَوْلَى فَإِذَا تَعَذَّرَ مِلْكُهُ لِمَا تَصَرَّفَ فِيهِ يَخْلُفُهُ الْمَوْلَى فِي الْمِلْكِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ بِشِرَاءِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ) يَعْنِي كَطَعَامِ الْأَكْلِ وَثِيَابِ الْكِسْوَةِ وَدَابَّةِ الرُّكُوبِ وَعَبْدِ الِاسْتِخْدَامِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَفِي الْقِيَاسِ هُوَ إذْنٌ فِي التِّجَارَةِ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ.

[مَا يَثْبُت بِهِ الْأُذُن]

(قَوْلُهُ احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا رَآهُ يَبِيعُ مِلْكَ مَوْلَاهُ فَإِنَّهُ إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ مِلْكًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إذْنًا لَهُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ) أَقُولُ يُخَالِفُهُ مَا فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ وَأَثْبَتْنَا الْإِذْنَ بِالسُّكُوتِ إنْ رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي صَحِيحًا كَانَ الْعَقْدُ أَوْ فَاسِدًا وَلَوْ لِغَيْرِ مَوْلَاهُ فَسَكَتَ وَلَمْ يَنْهَهُ وَلَمْ يُثْبِتْهُ زُفَرُ كَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ اهـ.

وَكَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَ عَيْنًا مَمْلُوكَةً لِلْمَوْلَى أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا.

هَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوَاهُ إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ عَيْنًا مِنْ أَعْيَانِ الْمَالِكِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ إذْنًا، وَكَذَا الْمُرْتَهِنُ إذَا رَأَى الرَّاهِنَ يَبِيعُ الرَّهْنَ فَسَكَتَ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ وَرُوِيَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ رِضًا وَيَبْطُلُ الرَّهْنُ اهـ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَذْكُرَ هَذَا، وَنَحْفَظُ عَنْ مَشَايِخِنَا تَقْدِيمَ مَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ عَلَى مَا فِي الْفَتَاوَى.

(قَوْلُهُ فَفِيمَا إذَا بَاعَ الْمَحْجُورُ بِمَحْضَرٍ مِنْ مَوْلَاهُ مِلْكًا لِغَيْرِهِ وَصَارَ مَأْذُونًا لَزِمَ أَنْ يَصِيرَ مَأْذُونًا قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مَأْذُونًا وَهُوَ ظَاهِرُ اللُّزُوم وَالْبُطْلَانِ) أَقُول هَذَا سَاقِط فِي بَعْض النَّسْخ وَثَابِت وَفِي غَيْرهَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ اللُّزُومُ وَالْمَذْكُورُ إلَّا لَوْ قُلْنَا بِتَعَلُّقِ الْإِذْنِ بِمَا بَاعَهُ بِمَحْضَرِ مَوْلَاهُ، بَلْ لَا يَتَعَلَّقُ أَثَرُهُ إلَّا فِي الْمُسْتَقْبِلِ فَسَقَطَ الْإِلْزَامُ لِقَوْلِهِ عَقِبَهُ: وَلَا يَكُونُ إذْنًا لَهُ فِي بَيْعِ ذَلِكَ الشَّيْءِ أَوْ شِرَائِهِ اهـ.

فَهَذَا رَدٌّ لِمَا ظَنَّهُ بِمَا نَقَلَهُ عَنْ الأسروشنية وَتَوْضِيحُهُ مَا قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ رَأَى قِنَّهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي، وَسَكَتَ كَانَ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ لَا فِي تِلْكَ الْعَيْنِ ثُمَّ قَالَ قِنٌّ بَاعَ بِحَضْرَةِ مَوْلَاهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْمَوْلَى أَنَّهُ لَهُ فَلَوْ كَانَ الْقِنُّ مَأْذُونًا لَمْ يَصِحَّ دَعْوَاهُ، وَيَصِحُّ لَوْ مَحْجُورًا فَإِنْ قِيلَ أَلَمْ يَصِرْ مَأْذُونًا بِسُكُوتِ مَوْلَاهُ قُلْنَا نَعَمْ وَلَكِنَّ أَثَرَ الْإِذْنِ يَظْهَرُ فِي الْمُسْتَقْبِلِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>