للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمْ يُفْسِدْهُ لِأَنَّ الْمَاءَ فِي الْأَوَّلِ أَصَابَ جِلْدَهُ وَجِلْدُهُ نَجِسٌ، وَفِي الثَّانِي أَصَابَ شَعْرَهُ وَشَعْرُهُ طَاهِرٌ.

(وَنَافِجَةُ الْمِسْكِ طَاهِرَةٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ رَطْبَةً وَلِغَيْرِ الْمَذْبُوحَةِ) حَتَّى لَوْ كَانَتْ رَطْبَةً لَكِنَّهَا لِلْمَذْبُوحَةِ فَهِيَ طَاهِرَةٌ وَلَوْ كَانَتْ لِغَيْرِ الْمَذْبُوحَةِ لَكِنَّهَا يَابِسَةٌ فَهِيَ أَيْضًا طَاهِرَةٌ (وَالْمِسْكُ طَاهِرٌ حَلَالٌ) كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَزَادَ قَوْلَهُ حَلَالٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الطَّهَارَةِ الْحِلُّ كَمَا فِي التُّرَابِ.

(وَبَوْلُ مَا يُؤْكَلُ نَجِسٌ) .

وَقَالَ مُحَمَّدٌ طَاهِرٌ (وَلَا يُشْرَبُ أَصْلًا) لَا لِلتَّدَاوِي وَلَا لِغَيْرِهِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ لِلتَّدَاوِي، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَجُوزُ مُطْلَقًا.

[فَصْلٌ بِئْرٌ دُونَ عَشْرٍ فِي عَشْرٍ وَقَعَ فِيهَا نَجَسٌ]

(فَصْلٌ بِئْرٌ دُونَ عَشْرٍ فِي عَشْرٍ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ عَشْرًا فِي عَشْرٍ لَا يَتَنَجَّسُ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ لَوْنُ الْمَاءِ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ الْآتِي يُخْرِجُ (وَقَعَ فِيهَا نَجَسٌ وَإِنْ عُفِيَ خُرْءُ حَمَامٍ وَعُصْفُورٍ وَتَقَاطُرُ بَوْلٍ كَرُءُوسِ الْإِبَرِ) حَتَّى لَوْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْهَا لَمْ يُعْفَ (وَغُبَارٌ نَجِسٌ وَبَعْرَتَا إبِلٍ أَوْ غَنَمٍ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ الثَّلَاثَ كَثِيرٌ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ التُّمُرْتَاشِيِّ وَجْهٌ، وَالْعَفْوُ أَنَّ الْآبَارَ فِي الْفَلَوَاتِ لَيْسَ لَهَا رُءُوسٌ حَاجِزَةٌ، وَالْإِبِلُ وَالْغَنَمُ تَبْعَرُ حَوْلَهَا فَتُلْقِيهِ الرِّيَاحُ فِيهَا فَلَوْ أَفْسَدَ الْقَلِيلُ لَزِمَ الْحَرَجُ وَهُوَ مَدْفُوعٌ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّطْبِ وَالْيَابِسِ، وَالصَّحِيحِ، وَالْمُنْكَسِرِ، وَالْبَعْرِ، وَالْخُثَى، وَالرَّوْثِ لِشُمُولِ الضَّرُورَةِ وَلَا فَرْقَ أَيْضًا بَيْنَ آبَارِ الْمِصْرِ، وَالْفَلَوَاتِ فِي الصَّحِيحِ لِشُمُولِ الضَّرُورَةِ فِي الْجُمْلَةِ (كَمَا إذَا وَقَعَتَا فِي مِحْلَبٍ فَرُمِيَتَا) الْفَاءُ تَدُلُّ عَلَى الْفَوْرِ، قَالَ فِي: الْمَبْسُوطِ لَا يَنْجُسُ إذَا رُمِيَتْ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا لَوْنٌ لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ مِنْ عَادَتِهَا أَنَّهَا تَبْعَرُ عِنْدَ الْحَلْبِ (أَوْ انْتَفَخَ فِيهَا حَيَوَانٌ دَمَوِيٌّ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ مَا لَا دَمَ لَهُ إذَا انْتَفَخَ أَوْ تَفَسَّخَ فِي الْمَاءِ أَوْ الْعَصِيرِ لَمْ يَنْجُسْ لَمْ يَذْكُرْ التَّفَسُّخَ لِأَنَّ حُكْمَهُ يُفْهَمُ مِنْ انْتِفَاخٍ بِطَرِيقِ الْأَوْلَوِيَّةِ (أَوْ مَاتَ نَحْوُ آدَمِيٍّ يُخْرِجُ الْوَاقِعَ) فِي الْبِئْرِ (فَيَنْزَحُ كُلَّهَا) أَيْ كُلَّ مَائِهَا فَكَانَ نَزْحُ مَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ طَهَارَةً لَهَا.

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا تَطْهُرُ بِمُجَرَّدِ النَّزْحِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى غَسْلِ الْأَحْجَارِ، وَنَقْلِ الْأَوْحَالِ (وَإِنْ تَعَسَّرَ) نَزْحُ كُلِّهَا (فَقَدْرَ مَا فِيهَا) أَيْ فَيَنْزَحُ قَدْرَ مَا فِيهَا مِنْ الْمَاءِ (فَيُفَوَّضُ) فِي نَزْحِ قَدْرِ مَا فِيهَا (إلَى ذَوِي بَصَارَةٍ) أَيْ رَجُلَيْنِ لَهُمَا شُعُورٌ وَمَعْرِفَةٌ (فِي) حَالِ (الْمَاءِ) فَأَيَّ مِقْدَارٍ قَالَا إنَّهُ فِي الْبِئْرِ نَزَحَ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ وَهُوَ الْأَصَحُّ الْأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ لِكَوْنِهِمَا

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: وَإِنْ عُفِيَ خُرْءُ حَمَامٍ وَعُصْفُورٍ) أَقُولُ ظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنَّ خُرْءَ الْحَمَامِ، وَالْعُصْفُورِ نَجِسٌ لِإِطْلَاقِ الْعَفْوِ عَلَيْهِ كَالْقَطَرَاتِ مِنْ الْبَوْلِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي نَجَاسَتِهِ وَطَهَارَتِهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى سُقُوطِ حُكْمِ النَّجَاسَةِ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ: وَزُرْقُ سِبَاعِ الطَّيْرِ يُفْسِدُ الثَّوْبَ إذَا فَحُشَ وَيُفْسِدُ مَاءَ الْأَوَانِي وَلَا يُفْسِدُ مَاءَ الْبِئْرِ اهـ.

وَفِي الْفَيْضِ وَبَوْلُ الْفَأْرَةِ لَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ التَّنَجُّسِ (قَوْلُهُ: يُشِيرُ إلَى أَنَّ الثَّلَاثَ كَثِيرٌ) أَقُولُ هَذَا عِنْدَ الْبَعْضِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا وَقَعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ وَقَعَتْ فِيهَا بَعْرَةٌ أَوْ بَعْرَتَانِ لَا يَفْسُدُ الْمَاءُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثَ تُفْسِدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ فِي الرِّوَايَةِ مُعْتَبَرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعْتَبَرًا فِي الدَّلَائِلِ عِنْدَنَا عَلَى الصَّحِيحِ وَهَذَا الْفَهْمُ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ اقْتَصَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ قَالَ إذَا وَقَعَتْ بَعْرَةٌ أَوْ بَعْرَتَانِ لَا يَفْسُدُ مَا لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا فَاحِشًا، وَالثَّلَاثُ لَيْسَ بِكَثِيرٍ فَاحِشٍ كَذَا نَقَلَ عِبَارَةَ الْجَامِعِ فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ، وَالْكَثِيرُ مَا يَسْتَكْثِرُهُ النَّاظِرُ، وَالْقَلِيلُ مَا يَسْتَقِلُّهُ صَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَالْكَافِي، وَالْمِعْرَاجِ وَالْهِدَايَةِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْكُتُبِ أَوْ أَنَّهُ مَا لَا يَخْلُو وَلَوْ عَنْ بَعْرَةٍ، وَصَحَّحَهُ فِي النِّهَايَةِ وَعَزَاهُ إلَى الْمَبْسُوطِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا وَقَعَتَا فِي مِحْلَبٍ) أَقُولُ يَعْنِي وَقَعَتَا مِنْ الشَّاةِ وَهِيَ تَبْعَرُ وَقْتَ الْحَلْبِ فِي الْمِحْلَبِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمِحْلَبِ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الْإِنَاءِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَفِي الشَّاةِ تَبْعَرُ فِي الْمِحْلَبِ بَعْرَةً أَوْ بَعْرَتَيْنِ قَالُوا تُرْمَى الْبَعْرَةُ وَيُشْرَبُ اللَّبَنُ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ وَلَا يُعْفَى الْقَلِيلُ فِي الْإِنَاءِ عَلَى مَا قِيلَ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَالْبِئْرِ فِي حَقِّ الْبَعْرَةِ، وَالْبَعْرَتَيْنِ اهـ.

وَالتَّعْبِيرُ بِالْبَعْرَةِ، وَالْبَعْرَتَيْنِ لَيْسَ احْتِرَازًا عَمَّا فَوْقَ ذَلِكَ لِمَا قَالَ فِي الْفَيْضِ وَلَوْ وَقَعَ الْبَعْرُ فِي الْمِحْلَبِ عِنْدَ الْحَلْبِ فَرُمِيَ مِنْ سَاعَتِهِ لَا يَفْسُدُ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا يَنْجُسُ إذَا رُمِيَتْ مِنْ سَاعَتِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهَا لَوْنٌ) يُفِيدُ أَنَّ عَدَمَ التَّنَجُّسِ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الْمُكْثِ، وَاللَّوْنِ وَبِهِ صَرَّحَ الْكَمَالُ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ أَخَّرَ أَوْ أَخَذَ اللَّبَنُ لَوْنَهَا لَا يَجُوزُ اهـ.

(قَوْلُهُ: قَيَّدَ بِهِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ مَا لَا دَمَ لَهُ. . . إلَخْ) صَوَابُهُ لِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: يَخْرُجُ الْوَاقِعُ فِي الْبِئْرِ) يَعْنِي مِمَّا ذَكَرَ إذَا وَجَبَ نَزْحُ شَيْءٍ فَلَا يَجِبُ إخْرَاجُ نَحْوِ الْبَعْرَتَيْنِ لِعَدَمِ نَزْحِ شَيْءٍ بِوُقُوعِهِ، وَلَوْ وَقَعَ فِيهَا عَظْمٌ أَوْ خَشَبَةٌ أَوْ قِطْعَةُ ثَوْبٍ مُتَلَطِّخَةٌ بِنَجَاسَةٍ وَتَعَذَّرَ اسْتِخْرَاجُ ذَلِكَ فَبِنَزْحِ الْمَاءِ يَطْهُرُ ذَلِكَ تَبَعًا كَخَابِيَةِ خَمْرٍ تَخَلَّلَ كَمَا فِي الْفَيْضِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ. . . إلَخْ) كَذَلِكَ يَطْهُرُ الدَّلْوُ وَالرِّشَاءُ، وَالْبَكَرَةُ وَيَدُ الْمُسْتَقِي كَطَهَارَةِ عُرْوَةِ الْإِبْرِيقِ بِطَهَارَةِ الْيَدِ إذَا أَخَذَهَا كُلَّمَا غَسَلَ يَدَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>