للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكَانَ الْوَصِيَّةِ إقْرَارٌ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ قِيلَ بِالْإِجْمَاعِ وَقِيلَ فِيهِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ.

(وَبِأَلْفٍ مُعَيَّنٍ مِنْ مَالِ زَيْدٍ لَهُ الْإِجَازَةُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَالْمَنْعُ بَعْدَهَا) يَعْنِي إذَا أَوْصَى مِنْ مَالِ رَجُلٍ لِآخَرَ بِعَيْنِهِ فَأَجَازَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ جَازَ وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ بِمَالِ الْغَيْرِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِنْ أَجَازَ كَانَ تَبَرُّعًا مِنْهُ أَيْضًا فَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ التَّسْلِيمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ بَعْدُ فَأَشْبَهَ الْهِبَةَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ فِي مَخْرَجِهَا صَحِيحَةٌ لِمُصَادَفَتِهَا مِلْكَ نَفْسِهِ، وَالِامْتِنَاعُ لِحَقِّ الْوَرَثَةِ فَإِذَا أَجَازُوهَا سَقَطَ حَقُّهُمْ فَتَنْفُذُ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي.

(أَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِوَصِيَّةِ أَبِيهِ دَفَعَ ثُلُثَ نَصِيبِهِ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِثُلُثٍ شَائِعٍ فِي التَّرِكَةِ وَهِيَ فِي أَيْدِيهمَا فَيَكُونُ مُقِرًّا بِثُلُثِ مَا فِي يَدِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ فَيَكُونُ مُقِرًّا بِتَقَدُّمِهِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ أَمَّا الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَشَرِيكُ الْوَارِثِ فَلَا يُسَلَّمُ لَهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُسَلَّمَ لِلْوَرَثَةِ مِثْلَاهُ.

(وَلَدَتْ الْمُوصِي بِهَا لِزَيْدٍ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَقَبُولِ الْمُوصَى لَهُ فَهُمَا لَهُ إنْ خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا أَخَذَ الثُّلُثَ مِنْهَا ثُمَّ مِنْهُ) يَعْنِي إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِأَمَةٍ فَوَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَلَدًا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَكِلَاهُمَا يَخْرُجَانِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ فَهُمَا لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّ الْأُمَّ دَخَلَتْ فِي الْوَصِيَّةِ أَصَالَةً، وَالْوَلَدُ تَبَعًا لِاتِّصَالِهِ بِالْأُمِّ فَإِذَا وَلَدَتْ وَلَدًا قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَالتَّرِكَةُ قَبْلُهَا مُبْقَاةٌ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَنْفُذُ وَصَايَاهُ مِنْهُ وَتُقْضَى دُيُونُهُ دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ كَأَنَّهُ أَوْجَبَ فِيهِمَا الْوَصِيَّةَ فَكَانَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا مِنْ الثُّلُثِ يَنْفُذُ وَصِيَّتُهُ أَوَّلًا مِنْ الْأُمِّ ثُمَّ مِنْ الْوَلَدِ هَذَا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَقَبْلَ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ (وَلَوْ) وَلَدَتْ (بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ الْقَبُولِ وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ (فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ) لِأَنَّ التَّرِكَةَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ خَرَجَتْ عَنْ حُكْمِ مِلْكِ الْمَيِّتِ فَحَدَثَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى خَالِصِ مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ (وَلَوْ) وَلَدَتْ (بَعْدَ الْقَبُولِ وَقَبْلَهَا) أَيْ الْقِسْمَةِ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُوصًى بِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَكَانَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ كَمَا لَوْ وَلَدَتْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَمَشَايِخُنَا (قَالُوا: يَصِيرُ مُوصًى بِهِ) حَتَّى يُعْتَبَرَ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا لَوْ وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبُولِ (وَلَوْ) وَلَدَتْ (قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي) لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ بَلْ (يَبْقَى عَلَى) حُكْمِ (مِلْكِهِ) أَيْ مِلْكِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْوَصِيَّةِ قَصْدًا وَلَا سِرَايَةً، وَالْكَسْبُ كَالْوَلَدِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا كَذَا فِي الْكَافِي

(بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ)

الْإِعْتَاقُ فِي الْمَرَضِ مِنْ أَنْوَاعِ الْوَصِيَّةِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ لَهُ أَحْكَامٌ مَخْصُوصَةٌ أَفْرَدَهُ بِبَابٍ عَلَى حِدَةٍ وَأَخْرَجَهُ عَنْ صَرِيحِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ الصَّرِيحَ هُوَ الْأَصْلُ (الْمُعْتَبَرُ حَالُ الْعَقْدِ فِي تَصَرُّفٍ إنْشَائِيٍّ فِيهِ مَعْنَى التَّبَرُّعِ) احْتِرَازٌ عَنْ تَصَرُّفٍ إخْبَارِيٍّ فَإِنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ فِي الْمَرَضِ نَفَذَ مِنْ كُلِّ الْمَالِ وَكَذَا النِّكَاحُ فِيهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ نَفَذَ مِنْ كُلِّ الْمَالِ (فَلَوْ كَانَ) ذَلِكَ التَّصَرُّفُ الْإِنْشَائِيُّ (فِي الصِّحَّةِ فَمِنْ) أَيْ يُعْتَبَرُ مِنْ (كُلِّ مَالِهِ وَإِلَّا فَمِنْ ثُلُثِهِ) بِخِلَافِ الْإِخْبَارِيِّ وَمَا لَيْسَ فِيهِ تَبَرُّعٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (وَالْمُعْتَبَرُ حَالَ الْمَوْتِ فِي الْإِضَافَةِ إلَيْهِ) فَيَكُونُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ الْإِنْشَائِيُّ (مِنْ ثُلُثِهِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُضَافًا إلَى الْمَوْتِ (إذَا مَاتَ) لِوُجُودِ الْمُضَافِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: دَفَعَ ثُلُثَ نَصِيبِهِ) هُوَ اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يُعْطِيَهُ نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِدَيْنٍ لِغَيْرِهِ) يَعْنِي فَيُدْفَعُ إلَيْهِ كُلُّ مَا فِي يَدِهِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا لَهُ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا مِنْ الثُّلُثِ تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ أَوَّلًا مِنْ الْأُمِّ ثُمَّ مِنْ الْوَلَدِ) قَالَ فِي الْكَافِي: وَعِنْدَهُمَا تُنَفَّذُ مِنْهُمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَجُعِلَ فِي الْجَوْهَرَةِ الْخِلَافُ عَلَى عَكْسِ هَذَا فَقَالَ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجَا مِنْ الثُّلُثِ ضُرِبَ بِالثُّلُثِ وَأُخِذَ مَا يَخُصُّهُ مِنْهُمَا جَمِيعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ الْأُمِّ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ أَخَذَهُ مِنْ الْوَلَدِ ثُمَّ قَالَ، وَهَذَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ مِثْلُ مَا فِي الْقُدُورِيِّ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الْعِتْقِ فِي الْمَرَضِ]

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِخْبَارِيِّ) يَعْنِي كَالْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ وَمَا لَيْسَ بِتَبَرُّعٍ يَعْنِي كَالنِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ يَعْنِي لَا يَكُون مُعْتَبَرًا بِحَالِ صُدُورِهِ مِنْ الْمَرِيضِ بَلْ يَكُونُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: وَإِعْتَاقُهُ. . . إلَخْ) الْأَنْسَبُ ذِكْرُهُ بِالْفَاءِ تَفْرِيعًا عَلَى مَا جَعَلَهُ أَصْلًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ) شُبِّهَتْ بِالْوَصِيَّةِ وَلَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إيجَابٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ مُنَجَّزَةٌ فِي الْحَالِ لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ فِي الْمَرَضِ صَارَتْ كَحُكْمِهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَابَى ثُمَّ أَعْتَقَ. . . إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى مُقَدَّرٍ كَأَنَّهُ قِيلَ الْمُحَابَاةُ، وَالْهِبَةُ. . . إلَخْ إذَا لَمْ يَضِقْ الثُّلُثُ أَخْرَجَ الْجَمِيعَ مِنْهُ أَمَّا لَوْ ضَاقَ فَحَابَى فَأُعْتِقَ فَهِيَ أَحَقُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>