للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَمِينَةً وَلَا يَجِدُ الشَّرِيكَ وَقْتَ الشِّرَاءِ فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى هَذَا (وَنُدِبَ كَوْنُهُ) أَيْ الْإِشْرَاكِ (قَبْلَ الشِّرَاءِ) لِيَكُونَ أَبْعَدَ عَنْ الْخِلَافِ، وَعَنْ صُورَةِ الرُّجُوعُ فِي الْقُرْبَةِ (وَيُقْسَمُ اللَّحْمُ وَزْنًا لَا جُزَافًا إلَّا إذَا ضُمَّ مَعَهُ مِنْ أَكَارِعِهِ أَوْ جِلْدِهِ) أَيْ يَكُونُ فِي كُلِّ جَانِبٍ شَيْءٌ مِنْ اللَّحْمِ وَمِنْ الْأَكَارِعِ أَوْ يَكُونُ فِي كُلِّ جَانِبٍ شَيْءٌ مِنْ اللَّحْمِ وَبَعْضُ الْجِلْدِ أَوْ يَكُونُ فِي جَانِبٍ لَحْمٌ وَأَكَارِعُ وَفِي آخَرَ لَحْمٌ وَجِلْدٌ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ صَرْفًا لِلْجِنْسِ إلَى خِلَافِ الْجِنْسِ

(وَتَجِبُ) .

وَفِي الْجَوَامِعِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا سُنَّةٌ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَوَجْهُ الْوُجُوبِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ وَجَدَ سَعَةً فَلَمْ يُضَحِّ فَلَا يَقْرَبَنَّ مُصَلَّانَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَمِثْلُ هَذَا الْوَعِيدِ لَا يَلْحَقُ إلَّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ (عَلَى حُرٍّ) فَإِنَّهَا قُرْبَةٌ مَالِيَّةٌ فَلَا تَتَأَدَّى إلَّا بِالْمِلْكِ وَالْمَالِكُ هُوَ الْحُرُّ (مُسْلِمٍ) فَإِنَّ الْقُرْبَةَ لَا تُتَصَوَّرُ إلَّا مِنْ الْمُسْلِمِ (مُقِيمٍ) فَإِنْ أَدَاءَهَا يَخْتَصُّ بِأَسْبَابٍ تَشُقُّ عَلَى الْمُسَافِرِ وَتَفُوتُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ عَنْهُ كَالْجُمُعَةِ (مُوسِرٍ يَسَارَ الْفِطْرَةِ) فَإِنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَجِبُ إلَّا عَلَى الْقَادِرِ وَهُوَ الْغَنِيُّ وَمِقْدَارُهُ مَا يَجِبُ بِهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ (لِنَفْسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَجِبُ (لَا طِفْلِهِ) أَيْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ؛ لِأَنَّهَا قُرْبَةٌ مَحْضَةٌ وَالْأَصْلُ فِي الْعِبَادَاتِ أَنْ لَا تَجِبَ عَلَى أَحَدٍ بِسَبَبِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ فَإِنَّ فِيهَا مَعْنَى الْمُؤْنَةِ، وَالسَّبَبُ فِيهَا رَأْسٌ يَمُونُهُ وَيَلِي عَلَيْهِ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَتَحَقَّقُ فِي حَقِّ الْوَلَدِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ تَجِبُ عَلَيْهِ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى نَفْسِهِ (بَلْ يُضَحِّي أَبُوهُ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ مِنْ مَالِ الطِّفْلِ (إنْ كَانَ) لَهُ مَالٌ (أَوْ) يُضَحِّي (وَصِيُّهُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْأَبِ (وَأَكَلَ الطِّفْلُ وَبَاقِيهِ) بَعْدَ الْأَكْلِ (بِبَدَلٍ بِمَا يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ) مِنْ آلَاتِ الْبَيْتِ وَنَحْوِهَا فِي الْهِدَايَةِ، الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُضَحِّي مِنْ مَالِهِ وَيَأْكُلُ مِنْهُ مَا أَمْكَنَ وَيَبْتَاعُ بِمَا بَقِيَ مَا يُنْتَفَعُ بِعَيْنِهِ.

وَفِي الْكَافِي، الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ مِنْ مَالِهِ أَيْ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ

(لَا تُذْبَحُ) الْأُضْحِيَّةُ (فِي الْمِصْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

مَا اشْتَرَاهَا لِلْأُضْحِيَّةِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ لِقِصَّةِ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ فَكَذَلِكَ هُنَا فَأَمَّا إذَا كَانَ فَقِيرًا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُشْرِكَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِالشِّرَاءِ لِلْأُضْحِيَّةِ فَتَعَيَّنَتْ لِلْوُجُوبِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَا أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ اهـ، وَلَكِنْ لَمْ يَجْزِمْ بِكَرَاهَةِ اشْتِرَاكِ الْغَنِيِّ فِي الْهِدَايَةِ، بَلْ قَالَ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُكْرَهُ الِاشْتِرَاكُ بَعْدَ الشِّرَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَنُدِبَ كَوْنُهُ أَيْ الْإِشْرَاكِ قَبْلَ الشِّرَاءِ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْأَصْلِ، وَقَالَ فِيهِ أَسْتُحْسِنَ ذَلِكَ أَيْ جَوَازَ الْإِشْرَاكِ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ أَيْ الْإِشْرَاكَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا كَانَ أَحْسَنَ اهـ.

وَتَبِعَهُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْمَبْسُوطِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ أَنَّهُ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ وَلَا تُفِيدُهُ عِبَارَتُهُمْ (قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ) أَقُولُ وَنَفَى جَوَازَ قَسْمِ لَحْمِ الْأُضْحِيَّةِ جُزَافًا بِمَعْنًى لَا يَصِحُّ لَا بِمَعْنًى لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا حَقِيقِيًّا فَيَقْتَضِي الْحُرْمَةَ بِالْفَضْلِ، بَلْ إنَّهُ كَهِبَةِ مَشَاعٍ يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ فَلَا يَمْلِكُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْعَيْنَ بِمُجَرَّدِ نَقْضِهِ فَلِلْمَالِكِ نَقْضُ الْقِسْمَةِ حَتَّى إذَا لَمْ أَلْهَبْهَا حَتَّى أَكَلَ اللَّحْمَ تَمَّ الْأَمْرُ وَلَا حُرْمَةَ وَلَا ضَمَانَ لِرِضَا الْمَالِكِ بِإِتْلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ إطْعَامُهُ الْأَغْنِيَاءَ وَغَيْرَهُمْ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي

(قَوْلُهُ: وَتَجِبُ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَوَى ابْنُ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا عَرِيضَةٌ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: فِي الْجَوَامِعِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ) قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْجَوَامِعِ اسْمُ كِتَابٍ فِي الْفِقْهِ صَنَّفَهُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ لِأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ) أَقُولُ وَيُسْتَحَبُّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ (قَوْلُهُ: فِي الْهِدَايَةِ. . . إلَخْ) أَقُولُ وَأَصَحُّ مَا يُفْتَى بِهِ مِنْ التَّصْحِيحَيْنِ عَدَمُ الْوُجُوبِ قَالَ فِي مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ لَا تَجِبُ عَلَى طِفْلِهِ الْفَقِيرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَا عَنْ الْغَنِيِّ مِنْ مَالِهِ فِي أَصَحِّ مَا يُفْتَى بِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَفْعَلَهُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ) قَالَ قَاضِي خَانْ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لَا تَجِبُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ لَيْسَ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ الْأَبُ لَا يَضْمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَيَضْمَنُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ فَإِنْ فَعَلَ الْوَصِيُّ يَضْمَنُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَضْمَنُ كَمَا لَا يَضْمَنُ الْأَبُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَأْكُلُ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا يَضْمَنُ وَالْمَعْتُوهُ وَالْمَجْنُونُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ، أَمَّا الَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ. اهـ.

[وَقْت الْأُضْحِيَّة]

(قَوْلُهُ: لَا تُذْبَحُ الْأُضْحِيَّةُ فِي الْمِصْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ) أَجْوَدُ مِنْ قَوْلِ الْكَنْزِ لَا يَذْبَحُ مِصْرِيٌّ قَبْلَ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ إذَا ذَبَحَ فِي الْمِصْرِ لَمَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ حِيلَةُ الْمِصْرِيِّ إذَا أَرَادَ التَّعْجِيلَ أَنْ يَبْعَثَ بِهَا إلَى خَارِجِ الْمِصْرِ فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ فِيهِ فَيُضَحِّيَ فِيهِ كُلَّمَا طَلَعَ الْفَجْرُ؛ لِأَنَّ وَقْتَهَا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ إلَى مَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي الْمِصْرِ كَيْ لَا يَشْتَغِلَ بِهَا عَنْ الصَّلَاةِ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ حَقِيقَةُ الْفَرَاغِ مِنْهَا عَلَى مَا قَالَ قَاضِي خَانْ فَإِنْ ضَحَّى بَعْدَمَا قَعَدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ السَّلَامِ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجُوزُ وَيَكُونُ مُسِيئًا، وَلَوْ ضَحَّى بَعْدَمَا سَلَّمَ الْإِمَامُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً جَازَتْ الْأُضْحِيَّةُ عِنْدَ الْكُلِّ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>