للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْوُضُوءِ) مِنْ النِّيَّةِ، وَالتَّسْمِيَةِ وَغَسْلِ الْيَدَيْنِ (وَغَسْلِ فَرْجِهِ وَخَبَثِ بَدَنِهِ) إنْ كَانَ فِيهِ خَبَثٌ (وَالتَّوَضُّؤُ) أَيْ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي جَمِيعِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ (إلَّا رِجْلَيْهِ) وَهَذَا التَّقْرِيرُ أَحْسَنُ مِمَّا قِيلَ أَنْ يَغْسِلَ جَمِيعَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ إلَّا رِجْلَيْهِ لِأَنَّ جَمِيعَ أَعْضَائِهِ لَيْسَتْ بِمَغْسُولَةٍ بَلْ بَعْضُهَا مَمْسُوحَةٌ وَفِي لَفْظِ التَّوَضُّؤِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَمْسَحُ بِرَأْسِهِ كَمَا فِي وُضُوءِ الصَّلَاةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ (لَوْ) كَانَ رِجْلَاهُ (بِمُسْتَنْقَعٍ) أَيْ بِمُسْتَجْمَعِ مَاءٍ حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَى سَطْحٍ يَغْسِلُهُمَا (ثُمَّ تَثْلِيثُ صَبٍّ) حَتَّى لَوْ لَمْ يَصُبَّ لَمْ يَكُنْ الْغُسْلُ مَسْنُونًا وَإِنْ زَالَ الْحَدَثُ (مُسْتَوْعِبٍ) جَمِيعَ الْبَدَنِ حَالَةَ كَوْنِهِ (بَادِئًا) فِي الْغُسْلِ (بِمَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ ثُمَّ رَأْسِهِ فِي الْأَصَحِّ) احْتِرَازٌ عَمَّا قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَقِيلَ يَبْدَأُ بِالْأَيْمَنِ ثَلَاثًا ثُمَّ بِالرَّأْسِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ وَقِيلَ يَبْدَأُ بِالرَّأْسِ (ثُمَّ بَقِيَّةِ بَدَنِهِ وَبَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الصَّبِّ الْمُسْتَوْعِبِ (يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ تَكْمِيلًا) لِلْوُضُوءِ وَتَنْظِيفًا لَهُمَا عَنْ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ لَمْ يَقُلْ ثُمَّ غَسْلِ رِجْلَيْهِ بِالْجَرِّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِي سِيَاقِ قَوْلِهِ بَادِئًا وَلَيْسَ لَهُ مَعْنًى (وَ) سُنَّتُهُ أَيْضًا (الدَّلْكُ) لِأَنَّ السُّنَّةَ إكْمَالُ الْفَرْضِ فِي مَحَلِّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَصَحَّ نَقْلُ بَلَّةِ عُضْوٍ إلَى آخَرَ فِيهِ) أَيْ الْغُسْلِ (إذَا تَقَاطَرَتْ) الْبَلَّةُ (دُونَ الْوُضُوءِ) لِمَا بَيَّنَّا سَابِقًا.

(وَفُرِضَ) أَيْ الْغُسْلُ (عِنْدَ خُرُوجِ مَنِيٍّ) وَلَوْ فِي نَوْمٍ (مُنْفَصِلٍ) عَنْ مَوْضِعِهِ (بِشَهْوَةٍ) قَيَّدَ بِهَا لِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ بِحَمْلِ شَيْءٍ ثَقِيلٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يُفْرَضْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ) إلَى ظَاهِرِ الْبَدَنِ بِهَا أَيْ بِالشَّهْوَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الدَّفْقَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.

(وَ) فُرِضَ (عِنْدَ إيلَاجِ) أَيْ إدْخَالِ (آدَمِيٍّ) احْتِرَازٌ عَنْ الْجِنِّيِّ فِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ مَعِي جِنِّيٌّ يَأْتِينِي فَأَجِدُ فِي نَفْسِي مَا أَجِدُ إذَا جَامَعَنِي زَوْجِي لَا غُسْلَ عَلَيْهَا لِانْعِدَامِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْإِيلَاجُ أَوْ الِاحْتِلَامُ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

[سُنَن الْغُسْل]

قَوْلُهُ: وَغَسْلِ فَرْجِهِ وَخَبَثِ بَدَنِهِ إنْ كَانَ فِيهِ) أَقُولُ لَمْ يَكْتَفِ بِغَسْلِ الْخَبَثِ عَنْ الْفَرْجِ لِأَنَّ غَسْلَ الْفَرْجِ مِنْ سُنَنِ الْغُسْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ نَجَاسَةٌ كَتَقْدِيمِ الْوُضُوءِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَاقْتَفَى أَثَرَهُ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا وَكَانَ يُغْنِيهِ يَعْنِي صَاحِبَ الْكَنْزِ أَنْ يَقُولَ وَنَجَاسَةٍ لَوْ كَانَتْ عَنْ قَوْلِهِ وَفَرْجِهِ لِأَنَّ الْفَرْجَ إنَّمَا يُغْسَلُ لِأَجْلِ النَّجَاسَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ لَمْ يُصَبَّ لَمْ يَكُنْ الْغُسْلُ مَسْنُونًا وَإِنْ زَالَ الْحَدَثُ) أَقُولُ يَعْنِي لَوْ لَمْ يَصُبَّ ثَلَاثًا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ لَمْ يُثَلِّثْ، وَلَوْ انْغَمَسَ الْجُنُبُ فِي مَاءٍ جَارٍ إنْ مَكَثَ فِيهِ قَدْرَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَقَدْ أَكْمَلَ السُّنَّةَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْكَمَالُ وَقَالَ الشَّيْخُ زَيْنٌ: وَيُقَاسُ مَا لَوْ اغْتَسَلَ فِي الْحَوْضِ الْكَبِيرِ أَوْ وَقَفَ فِي الْمَطَرِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ.

(قَوْلُهُ: بَادِئًا فِي الْغُسْلِ بِمَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ. . . إلَخْ)

قَالَ الْكَمَالُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَيْ فِي الْهِدَايَةِ كَيْفِيَّةَ الصَّبِّ وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ يُفِيضُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ ثَلَاثًا ثُمَّ الْأَيْسَرِ ثَلَاثًا ثُمَّ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ وَقِيلَ يَبْدَأُ بِالْأَيْمَنِ ثُمَّ بِالرَّأْسِ ثُمَّ بِالْأَيْسَرِ، وَقِيلَ يَبْدَأُ بِالرَّأْسِ وَهُوَ ظَاهِرُ لَفْظِ الْكِتَابِ يَعْنِي الْهِدَايَةَ وَظَاهِرُ حَدِيثِ مَيْمُونَةَ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ عَنْهَا قَالَتْ «وَضَعْت لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ ثُمَّ دَلَّكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَهُ ثُمَّ غَسَلَ رَأْسَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ فَغَسَلَ قَدَمَيْهِ» اهـ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ بَعْدَ نَقْلِهِ: وَبِهِ يُضَعَّفُ مَا صَحَّحَهُ صَاحِبُ الدُّرَرِ، وَالْغُرَرِ مِنْ أَنَّهُ يُؤَخِّرُ الرَّأْسَ كَذَا صَحَّحَهُ فِي الْمُجْتَبَى اهـ.

(تَنْبِيهٌ) : آدَابُ الْغُسْلِ هِيَ آدَابُ الْوُضُوءِ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ لِأَنَّهُ يَكُونُ غَالِبًا مَعَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَمِنْ مَكْرُوهَاتِهِ الْإِسْرَافُ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

[مُوجِبَات الْغُسْل]

(قَوْلُهُ: وَفُرِضَ أَيْ الْغُسْلُ عِنْدَ خُرُوجِ مَنِيٍّ. . . إلَخْ) أَقُولُ خُرُوجُ الْمَنِيِّ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ شُرُوطٌ لِلْوُجُوبِ لَا أَسْبَابٌ فَإِضَافَةُ الْوُجُوبِ إلَيْهَا مَجَازٌ وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ وُجُوبِ الْغُسْلِ وَعِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ سَبَبُ وُجُوبِهِ إرَادَةُ فِعْلِ مَا لَا يَحِلُّ فِعْلُهُ مَعَ الْجَنَابَةِ، وَقِيلَ وُجُوبُ مَا لَا يَحِلُّ مَعَهَا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إرَادَةُ فِعْلِ مَا لَا يَحِلُّ إلَّا بِهِ عِنْدَ عَدَمِ ضِيقِ الْوَقْتِ وَعِنْدَ وُجُوبِ مَا لَا يَصِحُّ مَعَهَا، وَذَلِكَ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ لِمَا قَالَ فِي الْكَافِي: إنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الْغُسْلِ الصَّلَاةُ أَوْ إرَادَةُ مَا لَا يَحِلُّ فِعْلُهُ مَعَ الْجَنَابَةِ، وَالْإِنْزَالُ وَالِالْتِقَاءُ شَرْطٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ الدَّفْقَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ) أَقُولُ يَعْنِي لَيْسَ شَرْطًا مُسْتَقِلًّا وَذَلِكَ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الدَّفْقِ يُفِيدُ اشْتِرَاطَ خُرُوجِ الْمَنِيِّ بِشَهْوَةٍ إلَى ظَاهِرِ الْبَدَنِ وَلَمْ يَشْتَرِطَاهُ وَشَرَطَهُ أَبُو يُوسُفَ وَاعْتُرِضَ عَلَى مَنْ شَرَطَ الدَّفْقَ بِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ مَاءَهَا لَا يَكُونُ دَافِقًا اهـ.

وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ احْتَلَمَ مَثَلًا فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ حَتَّى سَكَنَتْ شَهْوَتُهُ ثُمَّ أَرْسَلَهُ فَنَزَلَ الْمَنِيُّ فَعِنْدَهُمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَعِنْدَهُ لَا يَجِبُ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي الضَّيْفِ عِنْدَ خَوْفِ الرِّيبَةِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا فِي غَيْرِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ مَعِي جِنِّيٌّ. . . إلَخْ) .

أَقُولُ لَمْ يُقَيِّدْ الْمَسْأَلَةَ فَشَمَلَ حَالَةَ النَّوْمِ، وَالْيَقَظَةِ.

وَقَالَ الْكَمَالُ: امْرَأَةٌ قَالَتْ مَعِي جِنِّيٌّ يَأْتِينِي فِي النَّوْمِ مِرَارًا وَأَجِدُ مَا أَجِدُ إذَا جَامَعَنِي زَوْجِي لَا غُسْلَ عَلَيْهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَرَ الْمَاءَ فَإِنْ رَأَتْهُ صَرِيحًا وَجَبَ كَأَنَّهُ احْتِلَامٌ اهـ.

قُلْت وَعَلَى هَذَا إذَا أَخْبَرَتْ بِإِتْيَانِهِ يَقَظَةً وَرَأَتْ الْمَاءَ خَارِجَ الْفَرْجِ وَجَبَ الْغُسْلُ لِخُرُوجِهِ عَنْ شَهْوَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>