للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْقِيَامِ.

(قَنَتَ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ سَهْوًا لَمْ يَقْنُتْ فِي الثَّالِثَةِ) ؛ لِأَنَّ تَكْرَارَ الْقُنُوتِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ.

لَمَّا فَرَغَ مِنْ أَحْوَالِ الْوِتْرِ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْوَالِ النَّوَافِلِ فَقَالَ (سُنَّ) سُنَّةً مُؤَكَّدَةً (رَكْعَتَانِ) قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ.

(وَ) سُنَّ (أَرْبَعٌ بِتَسْلِيمَةٍ) حَتَّى لَوْ أَدَّاهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يَكُونُ مُعْتَدًّا بِهَا وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ فَصَلَّى أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يَخْرُجُ عَنْ النَّذْرِ وَبِالْعَكْسِ يَخْرُجُ، كَذَا فِي الْكَافِي (قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا) أَيْ الْجُمُعَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ ثَابَرَ عَلَى ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» وَفَسَّرَ ذَلِكَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا (وَنُدِبَ أَرْبَعٌ قَبْلَ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ وَبَعْدَهُ) أَيْ الْعِشَاءِ بِتَسْلِيمَةٍ (وَسِتٌّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ بِتَسْلِيمَةٍ

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ قَنَتَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ سَهْوًا. . . إلَخْ) ، كَذَا نَقَلَ فِي الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَنَظَرَ فِيهِ بِمَا فِي الْمُحِيطِ مَعْزِيًّا إلَى الْأَجْنَاسِ لَوْ شَكَّ أَنَّهُ فِي الْأُولَى أَوْ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يَقْنُتُ فِي الَّتِي هُوَ فِيهَا ثُمَّ يَقْعُدُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِقَعْدَتَيْنِ وَيَقْنُتُ فِيهِمَا احْتِيَاطًا وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقِيلَ لَا يَقْنُتُ فِي الْكُلِّ أَصْلًا ثُمَّ قَالَ فَلَعَلَّ مَا فِي الذَّخِيرَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَأْتِي بِهِ فِي الْأَصَحِّ مَعَ الشَّكِّ فَمَعَ الْيَقِينِ أَوْلَى.

[أَحْوَالِ النَّوَافِلِ]

(قَوْلُهُ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْوَالِ النَّوَافِلِ) أَقُولُ عَبَّرَ بِالنَّوَافِلِ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ وَالْكَافِي.

وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ تَرْجَمَ بِالنَّوَافِلِ لِكَوْنِهَا أَعَمَّ وَأَشْمَلَ.

وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ النَّفَلُ فِي اللُّغَةِ الزِّيَادَةُ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلِ شَيْءٍ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَلَا وَاجِبٍ وَلَا مَسْنُونٍ وَكُلُّ سُنَّةٍ نَافِلَةٌ وَلَيْسَ كُلُّ نَافِلَةٍ سُنَّةً فَلِهَذَا لَقَّبَهُ بِالنَّوَافِلِ؛ لِأَنَّهَا مُشْتَمِلَةٌ عَلَى السُّنَنِ.

وَفِي النِّهَايَةِ لَقَّبَهُ بِالنَّوَافِلِ وَفِيهِ ذَكَرَ السُّنَنَ لِكَوْنِ النَّوَافِلِ أَعَمَّ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ النَّفَلُ شُرِعَ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ تَمَكَّنَ فِي الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ، وَإِنْ عَلَتْ رُتْبَتُهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَقْصِيرٍ حَتَّى إنَّ أَحَدًا لَوْ قَدَرَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ لَا يُلَامُ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ. اهـ.

(قَوْلُهُ سُنَّ رَكْعَتَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ) ابْتَدَأَ بِسُنَّةِ الْفَجْرِ تَبَعًا لِلْهِدَايَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى السُّنَنِ حَتَّى رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ صَلَّاهَا قَاعِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجُوزُ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ ابْتَدَأَ بِسُنَّةِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ صَلَاةٍ فِي الْوُجُودِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَبَعٌ لِلْفَرْضِ ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِي الْأَفْضَلِ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ رَكْعَتَا الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَدَعْهُمَا سَفَرًا وَلَا حَضَرًا ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الظُّهْرِ ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الْعِشَاءِ ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الْعَصْرِ ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَقِيلَ الَّتِي بَعْدَ الْعِشَاءِ وَاَلَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ وَبَعْدَهُ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ كُلُّهَا سَوَاءٌ، وَقِيلَ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ آكَدُ وَصَحَّحَهُ الْمُحْسِنُ، وَقَدْ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْمُوَاظَبَةِ الصَّرِيحَةِ عَلَيْهَا أَقْوَى مِنْ نَقْلِهَا عَلَى غَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ. (قَوْلُهُ وَبَعْدَ الظُّهْرِ) أَقُولُ، كَذَا فِي الْكَنْزِ وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِاسْتِحْبَابِ أَرْبَعٍ بَعْدَ الظُّهْرِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعًا بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ ثُمَّ قِيلَ إنَّهَا غَيْرُ الرَّاتِبَةِ، وَقِيلَ مَعَهَا كَذَا فِي الْبُرْهَانِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا مَعَهَا لَا يَحْتَاجُ إلَى تَخْصِيصِ نِيَّتِهَا وَلَا فَصْلِهَا بِسَلَامٍ عَلَى مَا قَالَهُ الْكَمَالُ بَاحِثًا.

(قَوْلُهُ وَالْمَغْرِبُ) أَقُولُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُطِيلَ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: ١ - ٢] وَفِي الثَّانِيَةِ {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: ١] كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ.

(قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ أَدَّاهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يَكُونُ مُعْتَدٍ بِهَا) أَقُولُ أَيْ عَنْ السُّنَّةِ وَتَكُونُ نَافِلَةً كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَاسْتَدَلَّ فِي الْهِدَايَةِ عَلَى كَوْنِهَا بِتَسْلِيمَةٍ بِقَوْلِهِ، كَذَا قَالَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَدْ رَوَاهُ الْكَمَالُ فَقَالَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ لَيْسَ فِيهِنَّ تَسْلِيمٌ تُفَتَّحُ لَهُنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ» ثُمَّ قَالَ وَفِي قَالَ لِلتِّرْمِذِيِّ فِي الشَّمَائِلِ قُلْت أَيْ قَالَ أَبُو أَيُّوبَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفِيهِنَّ تَسْلِيمٌ فَاصِلٌ قَالَ لَا اهـ قُلْت وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ حُكْمَ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ كَاَلَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ حَتَّى لَوْ أَدَّاهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يَكُونُ مُعْتَدًّا بِهَا وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِعَدَمِ الْعُذْرِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا صَلَّيْتُمْ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَصَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنْ عُجِّلَ بِك شَيْءٌ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ وَرَكْعَتَيْنِ إذَا رَجَعْت» ذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي الْبُرْهَانِ فِي اسْتِدْلَالِهِ عَلَى ثُبُوتِ الْأَرْبَعِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) مَنْ ثَابَرَ. . . إلَخْ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَثْبُتُ بِهِ سُنَّةُ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ «رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَأَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعِشَاءِ» كَمَا فِي الْبُرْهَانِ وَغَيْرِهِ. وَأَمَّا دَلِيلُ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ فَهُوَ مَا فِي الْكَافِي «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَتَطَوَّعُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ» ثُمَّ قَالَ وَبَعْدَهَا أَرْبَعٌ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلِيُصَلِّ بَعْدَهَا» اهـ قُلْت وَمِنْ فَضِيلَتِهَا مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ صَلَّى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا كَانَ كَأَنَّمَا تَهَجَّدَ مِنْ لَيْلَتِهِ وَمَنْ صَلَّاهُنَّ بَعْدَ الْعِشَاءِ كَانَ كَمِثْلِهِنَّ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ» ذَكَرَهُ الْكَمَالُ (قَوْلُهُ وَسِتٌّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ بِتَسْلِيمَةٍ) أَقُولُ، وَذَكَرَ الْغَزْنَوِيُّ أَنَّهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ.

وَقَالَ فِي الْبَحْرِ ذَكَرَ فِي التَّجْنِيسِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ السِّتَّ بِثَلَاثِ تَسْلِيمَاتٍ اهـ قُلْت وَظَاهِرُ الْعَطْفِ أَنَّ السُّنَنَ الْمَنْدُوبَةَ غَيْرُ الْمُؤَكَّدَةِ.

وَقَالَ فِي الْبَحْرِ ذَكَرَ الْكَمَالُ اخْتِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ عَصْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>