للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحْرِيضَ النَّاسِ عَلَى الْخِصَاءِ وَلِأَنَّهُ لَا يُعْرَى عَنْ مُخَالَطَةِ النِّسَاءِ.

. (وَ) كُرِهَ (إقْرَاضُ بَقَّالٍ دَرَاهِمَ لِيَأْخُذَ مِنْهُ مَا شَاءَ) ؛ لِأَنَّهُ قَرْضٌ جَرَّ نَفْعَهَا وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَوْدِعَهُ دَرَاهِمَ يَأْخُذُ مِنْهُ مَا شَاءَ جُزْءًا فَجُزْءًا، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِقَرْضٍ حَتَّى لَوْ هَلَكَ لَا شَيْءَ عَلَى الْآخِذِ.

. (وَ) كُرِهَ (اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ وَالنَّرْدِ وَكُلِّ لَهْوٍ) لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ لَعِبِ ابْنِ آدَمَ حَرَامٌ إلَّا ثَلَاثَةً مُلَاعَبَةَ الرَّجُلِ أَهْلَهُ وَتَأْدِيبَهُ لِفَرَسِهِ وَمُنَاضَلَتَهُ لِقَوْسِهِ» وَأَبَاحَ الشَّافِعِيُّ الشِّطْرَنْجَ بِلَا قِمَارٍ وَلَا إخْلَالٍ بِحِفْظِ الْوَاجِبَاتِ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَشْحِيذَ الْخَاطِرِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَا.

(وَلَا بَأْسَ بِالْمُسَابَقَةِ فِي الرَّمْيِ وَالْفَرَسِ وَالْإِبِلِ إنْ شُرِطَ الْمَالُ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ) بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ إنْ سَبَقْتنِي فَلَكَ كَذَا، وَإِنْ سَبَقْتُك فَلَا شَيْءَ لِي لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا سَبْقَ إلَّا فِي خُفٍّ أَيْ بَعِيرٍ أَوْ نَضْلٍ أَيْ رَمْيٍ أَوْ حَافِرٍ أَيْ فَرَسٍ» (وَحَرُمَ لَوْ) شَرَطَاهُ (مِنْ الْجَانِبَيْنِ) بِأَنْ يَقُولَ إنْ سَبَقَ فَرَسُك أَعْطَيْتُك كَذَا، وَإِنْ سَبَقَ فَرَسِي فَأَعْطِنِي كَذَا (إلَّا إذَا أَدْخَلَا ثَالِثًا بَيْنَهُمَا) وَقَالَا لِلثَّالِثِ إنْ سَبَقْتنَا فَالْمَالَانِ لَك، وَإِنْ سَبَقْنَاك فَلَا شَيْءَ لَنَا عَلَيْك وَلَكِنْ أَيُّهُمَا سَبَقَ أَخَذَ الْمَالَ الْمَشْرُوطَ وَكَذَا الْمُتَفَقِّهَةُ إذَا شُرِطَ لِأَحَدِهِمَا الَّذِي مَعَهُ الصَّوَابُ صَحَّ، وَإِنْ شَرَطَاهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي الْمُسَابَقَةِ.

. (وَ) كُرِهَ قَوْلُهُ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ أَنِّي أَسْأَلُك (بِمَعْقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِك) يُرْوَى بِعِبَارَتَيْنِ الْأُولَى مِنْ الْعَقْدِ وَالثَّانِيَةُ مِنْ الْقُعُودِ وَلَا شَكَّ فِي كَرَاهَةِ الثَّانِيَةِ لِاسْتِحَالَةِ مَعْنَاهَا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَكَذَا الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا تُوهِمُ تَعَلُّقَ عِزِّهِ بِالْعَرْشِ وَالْعَرْشُ حَادِثٌ وَمَا تَعَلَّقَ بِهِ بِهَذَا الْوَجْهِ يَكُونُ حَادِثًا ضَرُورَةً وَعِزُّ اللَّهِ تَعَالَى قَدِيمٌ لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ أَزَلًا وَأَبَدًا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِهِ وَبِهِ أَخَذَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ مِنْ دُعَائِهِ اللَّهُمَّ أَنِّي أَسْأَلُك بِمَعْقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِك وَمُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِك وَجَدِّك الْأَعْلَى وَكَلِمَاتِك التَّامَّةِ» وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي تَجْوِيزِهِمَا جَوَازُ جَعْلِ الْعِزِّ صِفَةً لِلْعَرْشِ لِأَنَّ الْعَرْشَ مَوْصُوفٌ فِي الْقُرْآنِ بِالْمَجْدِ وَالْكَرَمِ فَكَذَا بِالْعِزِّ وَلَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ أَنَّهُ مَوْضِعُ الْهَيْبَةِ وَإِظْهَارِ كَمَالِ الْقُدْرَةِ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى مُسْتَغْنِيًا عَنْهُ.

. (وَ) كُرِهَ قَوْلُهُ فِي دُعَائِهِ (بِحَقِّ فُلَانٍ) وَكَذَا بِحَقِّ أَنْبِيَائِك أَوْ أَوْلِيَائِك أَوْ رُسُلِك أَوْ بِحَقِّ الْبَيْتِ أَوْ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ إذْ لَا حَقَّ لِلْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّمَا يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ بِلَا وُجُوبٍ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِغَيْرِهِ بِحَقِّ اللَّهِ أَوْ بِاَللَّهِ أَنْ تَفْعَلَ كَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بِهِ.

[احْتِكَارُ قُوتِ الْبَشَرِ وَالْبَهَائِمِ]

. (وَ) كُرِهَ (احْتِكَارُ قُوتِ الْبَشَرِ وَالْبَهَائِمِ فِي بَلَدٍ يَضُرُّ بِأَهْلِهِ)

ــ

[حاشية الشرنبلالي]

قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إقْرَاضُ بَقَّالٍ دَرَاهِمَ لِيَأْخُذَ مِنْهُ مَا شَاءَ) أَيْ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَا يُقَابِلُ الدَّرَاهِمَ جُزْءًا فَجُزْءًا كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَهَذَا إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ حَالَ الْقَرْضِ أَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَإِنْ بَاعَهُ وَلَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ مَشْرُوطًا عَلَيْهِ فِي أَصْلِ الْقَرْضِ جَازَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ بِهِ بَأْسٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقْرَضَهُ دَرَاهِمَ غَلَّةٍ فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ رَدَّ صِحَاحٍ كُرِهَ وَإِنْ رَدَّ صِحَاحًا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لَا يُكْرَهُ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ الْكَرْخِيِّ. اهـ.

وَجَعَلَ الْمَسْأَلَةَ فِي التَّجْنِيسِ وَالْمَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَمَّا إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ فِي الْقَرْضِ أَنْ يَأْخُذَهَا تَبَرُّعًا أَوْ شِرَاءً أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَلَكِنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَدْفَعُ لِهَذَا أَوْ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ قَرْضٌ جَرَّ مَنْفَعَةً وَفِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطِ الْمَنْفَعَةِ فَإِذَا أَخَذَ يَقُولُ فِي كُلِّ وَقْتٍ يَأْخُذُ فَهُوَ عَلَى مَا قَاطَعْتُك عَلَيْهِ.

[اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ وَالنَّرْدِ وَكُلِّ لَهْوٍ]

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ اللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ) كَذَا يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى لَاعِبِيهِ اسْتِحْقَارًا بِهِمْ وَإِهَانَةً لَهُمْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَمْ يَرَ أَبُو حَنِيفَةَ بِهِ بَأْسًا لِشَغْلِهِمْ عَنْ اللَّعِبِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ. . . إلَخْ) كَذَا لَوْ شَرَطَهُ ثَالِثٌ لِأَسْبَقِهِمَا فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَدْخَلَا ثَالِثًا بَيْنَهُمَا) أَيْ وَفَرَسُهُ كُفُؤٌ لِفَرَسَيْهِمَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُمَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي إدْخَالِهِ بَيْنَهُمَا فَلَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قِمَارًا، كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ.

(قَوْلُهُ: وَأَيُّهُمَا سَبَقَ أَخَذَ الْمَالَ) أَيْ وَلَمْ يَسْبِقْهُمَا الثَّالِثُ فَإِنْ سَبَقَهُمَا أَخَذَ مِنْهُمَا، وَإِذَا قَالَ الْأَمِيرُ لِجَمَاعَةِ الْفُرْسَانِ أَوْ الرُّمَاةِ مَنْ سَبَقَ مِنْكُمْ أَوْ أَصَابَ الْهَدَفَ فَلَهُ كَذَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ تَحْرِيضٌ عَلَى تَعْلِيمِ آلَةِ الْحَرْبِ وَالْجِهَادِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ.

(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا بَأْسَ بِهِ. . . إلَخْ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالتَّبْيِينِ وَالْكَافِي ثُمَّ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي وَلَكِنَّا نَقُولُ: هَذَا خَبَرٌ وَاحِدٌ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي الِامْتِنَاعِ.

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَالْأَحْوَطُ الِامْتِنَاعُ لِكَوْنِهِ خَبَرَ وَاحِدٍ فَيُخَالِفُ الْقَطْعِيَّ إذْ الْمُتَشَابِهُ يَثْبُتُ بِالْقَطْعِيِّ. اهـ. .

وَفِي الِاخْتِيَارِ وَمَا رَوَاهُ خَبَرُ آحَادٍ وَلَا يُتْرَكُ بِهِ الِاحْتِيَاطُ

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ احْتِكَارُ قُوتِ الْبَشَرِ وَالْبَهَائِمِ) وَالِاحْتِكَارُ حَبْسُ الطَّعَامِ لِلْغَلَاءِ افْتِعَالٌ مِنْ حَكِرَ إذَا ظَلَمَ وَنَقَصَ وَحَكِرَ بِالشَّيْءِ إذَا اسْتَبَدَّ بِهِ وَحَبَسَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَتَقْيِيدُهُ بِقُوتِ الْبَشَرِ وَالْبَهَائِمِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ كُلُّ مَا أَضَرَّ بِالْعَامَّةِ حَبْسُهُ فَهُوَ احْتِكَارٌ وَإِنْ كَانَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ ثَوْبًا كَذَا فِي الْكَافِي.

(قَوْلُهُ: فِي بَلَدٍ يَضُرُّ بِأَهْلِهِ) أُطْلِقَ الْبَلَدُ، وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَالْكَافِي يُكْرَهُ إذَا كَانَ يَضُرُّ بِهِمْ بِأَنْ كَانَتْ الْبَلْدَةُ صَغِيرَةً، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِأَنْ كَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>